واختلف الصحابة في طرق الاجتهاد بعد عصر النبي (صلى الله عليه وآله): ـ منهم من كان يجتهد في حدود الكتاب والسنة لا يعدوهما. ـ منهم من كان يجتهد بالرأي ان لم يجد نصاً. ـ منهم من كان يجتهد بالقياس ــ ومنهم من كان يجتهد بالمصلحة في غير موضع النص. وأحياناً يكون الاجتهاد في موضوع غير شخصي، بل في موضوع يتعلق بعموم المسلمين، أو يكون تقرير قاعدة عامة، ويكون في اجتماع عام، أو اجتماع خاص بفقهاء الصحابة. وكان بعض الخلفاء يبحثون عن آراء الصحابة واجتهاداتهم المختلفة فيختارون أحدها، وخصوصاً الخليفة الأول والثاني والثالث. وقد وردت الروايات بانّ الخليفة الأول إذا نزل به أمر دعا (عمر وعثمان وعلياً وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبى بن كعب وزيد بن ثابت) واستشارهم.(20) وكان يستشير في مختلف القضايا والأمور وكان (إذا ورد عليه أمر نظر في كتاب الله… وان علمه من سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضي به، وان لم يعلم خرج فسأل المسلمين عن السنّة، فان أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم واستشارهم).(21) وكان الخليفة الثاني يتصفح آراء واجتهادات فقهاء الصحابة ثم يختار أحد الاجتهادات، وكان في كثير من الأحيان يأخذ برأي على بن أبي طالب.(22) وفي عصر التابعين كان لهم اجتهاد وراء ما ينقلون من أحاديث وفتاوي، ولم يخرجوا عن منهاج الصحابة الذي رسموه لهم، ولمن جاءوا بعدهم. وكان أكثر الاجتهاد عند مدرسة العراق يعتمد على القياس، وأما الاجتهاد عند مدرسة الحجاز فكان يسير على منهاج المصلحة، وقد تبع ذلك ان كثرت التفريعات