واختلفوا في بعض الوسائل من ناحية إرشاد الشرع إليها أو عدم أرشاده، فالبعض يري انّ القياس والاستحسان والاستصلاح من الوسائل المشروعة في الاجتهاد، بينما يري البعض الآخر أنّها وسائل غير مشروعة. ومهما كان الاختلاف قائماً إلا إنهم لم يختلفوا في نقض الاجتهاد المخالف لدليل قطعي. الاجتهاد غير المعتبر الاجتهاد غير المعتبر هو وضع القوانين وتشريعها اعتماداً على الفكر والرأي الخاص دون الاعتماد على الكتاب والسنة وهذا الاجتهاد لا يتبناه فقهاء الشيعة، بينما يتبناه غيرهم في ظرف عدم وجود نص أو دليل من الكتاب والسنة، حيث يكون الاجتهاد مصدراً من مصادر التشريع، فيجعلونه وهو الاجتهاد في الرأي.(12) وعلى الرغم من هذا الاختلاف في فهم الاجتهاد إلا انّ فقهاء المذاهب اتفقوا على عدم اعتبار الاجتهاد المقابل للنص، ولم نجد فقيهاً يتبني ذلك الاجتهاد الذي يتجاوز النص. وقد ورد عن الإمام الشافعي انّه قال: إذا صحّ الحديث فاضربوا بقولي الحائط. وقال الإمام أحمد بن حنبل: كان أحسن أمر الشافعي عندي أنه كان إذا سمع الخبر لم يكن عنده قال به وترك قوله.(13) والمراد بنفي الاجتهاد عند وجود النص، ما إذا كان النص صحيحاً صريحاً، أما الاجتهاد في فهم النص وتطبيقه على الواقعة إذا كان ظني الدلالة فهذا أمر آخر تختلف الإفهام فيه وهو نوع من الاجتهاد في النصوص.(14) ويري الآمدي إنّما يمكن نقص الاجتهاد إذا كان حكمه مخالفاً لدليل قاطع من نصّ أو إجماع أو قياس جلي، وهو ما كانت العلة فيه منصوصة، أو كان قد قطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع، ولو كان حكمه مخالفاً لدليل ظني من نصّ أو غيره فلا ينقض ما حكم به الظن لتساويهما في الرتبة.(15) ويري القرافي انّ الحكم الاجتهادي ينقض بمخالفة القواعد الشرعية.(16)