ملائمة للعصر الذي كانوا يعيشون فيه، فالحقيقة فيها نسبية وليست ثابتة، ويمكن تغييرها حسب طبيعة الظروف ومتقضيات المصالح والتطورات الاجتماعية الإنسانية المتغيرة التي اشرنا إليها في المسلمة الأولى التي تنطلق منها فكرة الحداثة، وقد يحاول أصحاب هذه النظرية – أحيانا – في التوفيق بين الأصالة والمعاصرة بادعاء ان هناك ثوابت في الشريعة تمثل الأصل ولكنها أمور محدودة الحجم وهي تلك الضروريات الإسلامية والباقي يخضع لهذه النسبية. وهذه النظرية بهذا المعنى واضحة البطلان إسلاميا، ولا يمكن ان تمثل حلا للتوفيق بين الأصالة والحداثة، بل هي في الحقيقة إلغاء للأصالة وحصرها في دائرة ضيقة جدا، مع ان القرآن الكريم الذي يعتبر أصدق حديث لدى المسلمين يؤكد ان الحقيقة أمر ثابت موضوعيا، وفي مساحة واسعة وذلك عندما يؤكد في مواضع عديدة (تلك حدود الله فلا تعتدوها) (البقرة/ 229)، وان الإنسان يهتدي إليها أو يضل عنها وإن الاختلاف في تفسير الدين وفهمه بهذه الطريقة أدت إلى الضلال والخسران والاختلاف في أوساط أهل الكتاب (وما تفرق الذين اوتوا الكتاب إلا من بعدما جاءتهم البينة) (البينة/ 4). وان ظاهرة الاختلاف في الدين سوف تتكرر بصورة أخرى في المجتمع الإسلامي والأمة الإسلامية. الثابت والمتغير المحاولة الثالثة: وهي النظرية التي تبناها علماء الإسلام عموما وأهل البيت عليهم السلام خصوصا مع مزيد من التوضيح والشرح، وخلاصة الفكرة في هذه النظرية هو أن مقتضى خاتمية الرسالة الإسلامية الجمع بين الأصالة والحداثة لأن الرسالة عندما تكون خاتمة فلابد فيها من الاستمرار والبقاء والقدرة على ملائمة الظروف والمستجدات واستيعاب المسلمات الإسلامية السابقة بجميع خصائصها، وهذا يفرض أن تكون معالجة المشكلات الإنسانية في السلوك الإنساني والوصول به إلى الكمالات الإلهية من خلال الرسالة الإسلامية، وان هذه المعالجة لابد أن تكون