مستمرة ودائمة مهما اختلفت الظروف والامكانات والقدرات والميول والرغبات أو تطورت الأوضاع الإنسانية. وهذا الثبات في الرسالة يفرض الأصالة والثبات في مفاهيمها وأحكامها، وهذا الاستمرار والبقاء مع فرض تطور الحياة يفرض المرونة في هذه الرسالة أيضاً، ومن هنا لابد أن يكون في الرسالة جانب ثابت وآخر متغير. والجانب (الثابت) في الرسالة هو الجانب الذي يعبر عن بعدين رئيسين: أحدهما، بعد الحاجات الفطرية الثابتة في الإنسان مهما اختلفت ظروفه وأوضاعه، مثل الحاجة إلى العبادة، والأكل والشرب، والجنس، والاختصاص، والأمن. وثانيهما، بعد المسيرة التكاملية التي تعبر عن الصراط المستقيم في حركة الإنسان نحو الله تعالى والدار الآخرة، مثل المعرفة بالله تعالى والتوبه إليه والحرية والعلاقات الاجتماعية المتوازنة، وحل الاختلاف بالعدل والقسط والحق، والردع عن إرتكاب الآثام والجرائم والطغيان وغير ذلك. المرونة لها مساحة واسعة والجانب (المرن) والمتغير هو الذي يمكن أن نراه في مساحة الحرية الممنوحة للإنسان في المباحات التي تخضع عادة للرغبات والميول الشخصية أو الاجتماعية، وكذلك نراه في القضايا الاستثنائية الطارئة، كالضرر والحرج والعسر والاضطرار والاكراه، وفي عنصر المصالح والمفاسد المحدودة في الأشخاص والفئات التي تتحرك أحيانا، وفي عنصر القدرة والواجبات الكفائية وغيرها. المرونة محددة بثوابت الشريعة ومقاصدها وبولي الأمر ولذلك نجد الثبات في صيغ العبادة بصورة عامة مع بعض الاستثناءات، كالدعاء والانفاق، وفي بعض صيغ العقوبات التي تهدد الأمن العام الشخصي أو الاقتصادي أو العائلي أو الاجتماعي كما في القصاص والحدود.