كما ان الحركة الواسعة للتدوين ونقد الحديث والرجال التي نمت وتطورت في ذلك الوقت كانت احدى الخطوات المهمة لإسقاطها وحتى محاصرة مدرسة الاجتهاد بالرأي. وبطلان هذه المحاولة لا يحتاج إلى مزيد من الحديث بعد الاجماع الإسلامي النظري والعملي على بطلانها، وكذلك مخالفتها للمسلمات الإسلامية الثلاث السابقة. كما ان النصوص الصحيحة المروية عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) تؤكد بطلان هذه المحاولة، حيث كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبر وحذر من خطورة هذا الاتجاه في التفكير وفهم الإسلام (من فسر القرآن برأيه فقد كفر) (من أفتى برأيه فقد كفر). ولا بد لنا – هنا – أن نميز بصورة واضحة بين مدرسة الرأي في الفقه الإسلامي التي بدأت بها هذه المحاولة والتي لازالت قائمة وموجودة – مع قطع النظر عن ملاحظاتنا ورأينا فيها – وبين ما تحولت إليه هذه المحاولة من فهم وتفسير للدين والشريعة بادخال الرأي الاجتهادي فيهما والذي يمثل إنحرافا في فهم الدين وطريقة الاستنباط منه. تعدد القراءات المحاولة الثانية: التي تستند إلى نظرية تعدد القراءات بمعناها الغربي وهي محاولة متأخرة وحديثة، لأن تعدد القراءات تارة يراد منها تعدد فهم النصوص وطريقة الاستنباط منها، فهذا المعنى هو الاجتهاد المعروف في الإسلام والمجتمع الإسلامي على اختلاف مناهجه وطرقه الصحيحة والباطلة. وأخرى يراد من تعدد القراءات افتراض النسبية في المضمون الديني وانه ليس مطلقا وإنّما يتم إدخال عنصر الذات والظروف في حقيقته وفهمه، وبهذا المعنى تكون الشريعة مجموعة من الأفكار العامة المعنوية وان الحدود والصيغ الموضوعة للشريعة في النصوص القرآنية والنبوية إنما هي حدود ذات طابع ذاتي تم صياغتها من قبل الله تعالى والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أو أصحابه أو الرواة بصورة