والسهر والمرض والفقر والسفر، لقد اخلصوا للعلم ونذروا أنفسهم له وانقطعوا إليه فكانوا قدوة في العلم. ثالثاً: مقاومة عناصر الجمود والتفكير السطحي والنظر القشري والاعوجاج والشلل الفكري. فهذه الحالات هي من اشدّ ما يناقض ويعارض مفهوم الاجتهاد. وما ظهرت هذه الحالات وتفشّت إلا في زمن التراجع الحضاري الذي أصاب حركة الاجتهاد بالجمود والانغلاق والتوقف لحد ما. من جهة أخرى إن الاجتهاد يفترض تعاملاً مع النص يتصف بشدّة الفحص وتعمق النظر وبصورة دائمة ومستمرة، مما يجعل النص مفتوحاً للمعنى في كل زمان ومكان وحال، بشكل يتعارض مع احتكار الفهم على طبقة أو جيل من الناس، أو ان يتحدد الفهم في زمان أو مكان ما، فليس في الإسلام كهنوتية أو ارثذوكسية تفرض فهماً أو معرفة جامدة أو نمطية أو أحادية الاتجاه. وحسب التشريعات الفقهية والعلمية في الفكر الإسلامي الشيعي ان المجتهد لا يجوز له ان يكون مقلداً لمجتهد آخر وإلا سلبت منه صفة الاجتهاد، بل يتوجب عليه ان يكون صاحب قدرة على الاكتشاف والابتكار. رابعاً: مواكبة تجددات الحياة ومتغيرات العصر وتحولات الزمن ومقتضيات التقدم وشرائط المستقبل. فالاجتهاد مجالاته القضايا والموضوعات الجديدة والمعاصرة. وفي نظر بعض الفقهاء المعاصرين لا معنى للاجتهاد بالانشغال بالقضايا والموضوعات التي ترتبط بالماضي وقد أشبعها السلف بحثاً ونظراً أو استقر عليها رأي السلف. ينقل الشيخ “مرتضى مطهري” كلاماً للسيد “محمد باقر حجة الإسلام” يصفه بالجيد، إذ يعتبر ان الاجتهاد الواقعي هو انه لو عرضت مسألة جديدة على شخص لم تكن له سابقة ذهنية عنها، ولم تطرح في أي كتاب لاستطاع ان يطبق عليها الأُصول بشكل صحيح ويستنتج على ضوء ذلك. أما إذا تعلم الطرائق كلها من كتاب “جواهر الكلام” ثم أخذ يردد: أنا اعلم ان صاحب الجواهر يرى كذا في هذه المسألة، وأنا أوافقه على رأيه، فإن هذا ليس اجتهاداً فالاجتهاد