الأفكار والعطاءات والإبداعات التي عرفت بها الثقافة الإسلامية والحضارة الإسلامية، والحق عنده كما يقول: “إن هذه الثقافة الإسلامية في أساسها، وفي جوهرها جزء من المادة الهيلينية الرومانية. بل انه حتى علم التوحيد الإسلامي قد تحدد وتطور بواسطة منابع هيلينية، ولكن الإسلام ظل مدة طويلة منعزلاً عن المسيحية، وحدث تطوره في بيئات تختلف عنها تماماً، حتى ليبدو غريباً عليها، وأجنبياً عنها، وتظهر أعظم قوة له في أنه قد عرض المادة القديمة في شكل جديد جدة تامة”([8]). لا نريد ان نستغرق في مثل هذه الآراء فهي على كثرتها تفضح عيوبها ومغالاتها وعدم موضوعيتها ومعقوليتها. ثلاثة قرون من تاريخ الحداثة تحدث عنها “آلان تورين” لم يتجاوز خلالها تاريخ أوروبا، مع انه كان ناقداً في محاولته تلك. وهكذا “يورغن هابرماس” في كتابه “القول الفلسفي للحداثة”، ولم يخرج عن هذا النسق حتى بعض الكتاب العرب، فحين يتحدث “محمد سبيلا” عن جغرافيات الحداثة فانه يعتبر أوروبا هي مسقط رأس الحداثة إذ كانت نبتتها الأولى في ايطاليا زمن عصر النهضة، وأخذت من ثم بالتدريج بعداً كونياً، حسب رأيه، ومع أنه تطرق إلى اليابان، إلا انه اعتبر أوروبا هي مرجعية الحداثة([9]). والملاحظ ان المثقفين العرب يقرأون تاريخ العالم بالطريقة التي دوّنها الغرب، وهي الطريقة التي تنسجم مع رغباته وتصوراته الفكرية والفلسفية، وبالشكل الذي ينسجم ومفهوم المركزية الأوروبية. ولعل من أكثر الدلالات اثارة لمقولة “صدام الحضارات” هو ما تتضمنه من تحريض الغرب لمقاومة انبعاث الحضارات، وبالذات تلك الحضارات التي لها رؤية شاملة حول الإنسان والحياة والكون، وبإمكانها ان تزاحم الغرب في المستقبل، كالحضارة الإسلامية والحضارة الصينية الكونفوشيوسية، وهما الحضارتان اللتان حذر منهما “هنتنغتون” الغرب.