وفي هذا السياق ظهر نسق من الكتابات بقصد البحث عن توافقات أو مقاربات أو تماثلات ممكنة أو فعلية بين منظورات الإسلامية أو الفكر الإسلامي، ومنظورات تيار ما بعد الحداثة ليس بدرجة التطابق التام أو الكلي أو المطلق، وإنّما في بعض الاتجاهات التي ترتبط بصورة رئيسية بقضايا الحداثة والغرب والمركزية الأوروبية وهيمنة الاتجاه الواحد على العالم والنظام العالمي الجديد. وهي القضايا التي يتجدد حولها الفهم والنظر بمنهج نقدي من تيار ما بعد الحداثة. فهناك من حاول ان يظهر بعض هذه التوافقات في المنظورات النقدية للحداثة والحضارة الغربية كما في محاولة الكاتب التركي “خلدون جولألب” في دراسة نشرها تحت عنوان “الإسلامية وما بعد الحداثة” اعتبر فيها “إن النقد الإسلامي للحداثة يتماثل على نحو مذهل مع نقد تيار ما بعد الحداثة الذي يحظى بشعبية كبيرة اليوم في العالم الغربي. وعلى الرغم من ان الإسلاميين لا يعدون أنفسهم منخرطين في تيار ما بعد الحداثة فان نقدهم الموازي يوحي بوجود جذور مشابهة. من المؤكد ان الإسلاميين قد انتقدوا بصورة دائمة قيم الحداثة بوصفها صنمية مادية وانحطاطاً خلقياً. ولكن المذهل هو تزايد شعبية هذا النقد في العقدين الأخيرين. لعل التفسير الأفضل لذلك يكمن في الظروف الملائمة الناشئة عن الأزمة الحالية للحداثة، وبالتالي فان الكشف عن التوازي بين تيار ما بعد الحداثة وبين الإسلامية لا يهدف إلى الإيحاء بأنهما أمر واحد، ولا إلى جعل الإسلامية مقبولة أكثر بالقول؛ أنها حركة سياسية تقدمية، بل انه يهدف إلى تفسير جذور الصعود الحالي للإسلامية. فالإسلامية مثلها مثل تيار ما بعد الحداثة، تقدم من جهة بعض النقد المشروع للحداثة، وتلقى من جهة أخرى قبولاً شعبياً واسعاً في المرحلة الحالية، وذلك في ظل ما يعد على نحو واسع أنه أزمة فرضيات الحداثة”([5]). وقد استند “جولألب” في هذه المقاربات على الأدبيات الإسلامية في تركيا حيث اظهر أهميتها وتزايد اتساعها ونفوذها هناك، الظاهرة التي لم تستطع حسب رأيه ان تعكس الأدبيات المكتوبة بالانجليزية، نتيجة الافتراض الواسع الانتشار لكنه غير