عدم المبالاة بقيمة ما تقدمه من عطاءات وإبداعات؛ لذلك كان من المبرر أمام “راينهارد” في ان يطرح السؤال “هل توجد حداثة إسلامية؟”. لقد برزت كما يقول “من خلال المنظور النقدي، محاولة إعادة تكوين حداثة إسلامية، بعيداً عن مسألة التعاقب التاريخي. انه لصحيح ان يحذر من تفسير مراحلي جديد، ولكن أليس أمراً غير معقول بالمرة ان يرغب في إيجاد حداثة إسلامية، تماماً في اللحظة ذاتها التي تجري ويجري فيها تدمير هذه الحداثة بالنسبة إلى أوروبا؟ نعم، انه لكذلك فعلاً، فكما ان الحداثة قد تشكلت على أساس المركزية الأوروبية، فان تدمير هذه الحداثة يبدو انه سيكون أيضاً على الأساس ذاته. إن إمكانية أن يقدم الأفق النظري والعملي للمجتمعات غير الأوروبية حوافز قوية لبحث موضوع الحداثة، إمكانية متوفرة الآن تماماً. لأنه إذا أمكن ان يكشف النقاب عن ان نخب المجتمعات الإسلامية والصينية أو اليابانية قد عرفت العالم من حولها من خلال تصورات قائمة على الفصل بين التقليد والحداثة، وأنها أيضاً قد استخدمت معايير خبرتها الذاتية في توصيف موضوعي لمحيطها، وأنها أخيراً أعادت أيضاً تشكيل ثقافتها بشكل جذري، إذا كان ذلك كذلك، فانه يصبح من الواضح ان الحداثة لم تعد امتيازاً غربياً، وإنّما كانت عملية عالمية واسعة النطاق، وبالتالي فقد بات من الممكن وجودها في السياقات الأخرى كما في السياق الغربي. ولعله كان علينا ان نتكلم بصيغة الجمع عن حداثات، أو انه كان علينا ان نستوعب الحداثة بوصفها عملية تاريخية عالمية، تنطوي على اشكال تعبيرية شديدة التباين في الثقافات المختلفة، طالما ان تشكلها كان دائماً يتم في اطار تراث معين”([4]). لا شك ان هذا الكلام يعد مهماً وقد يكون جديداً، أو من النادر ان يكون بهذا القدر من الوضوح والتماسك، وهذا النوع من الأفكار بدأ يتراكم في الغرب ويعلن عنه بثقة اكبر بعد تنامي المنظورات النقدية لتجربة الغرب في الحداثة والتقدم.