الأول: الترتيب في الذكر، فإن أهل السنة يبدؤن علم الأُصول بالأَحكام وأقسامها التكليفية والوضعية ثم يبحثون عن أدلة الأحكام من الكتاب والسنة، والإجماع ، والقياس وما ألحق به من الاستحسان والمصالح المرسلة وغيرهما. ثم يطرحون مباحث الألفاظ ثم مقاصد الشريعة ولها دخل مستقيم في القياس وما ألحق به. أما الإمامية فيبدؤن بمباحث الألفاظ، ثم حجية الأدلة واحدا بعد واحد، ثم الأُصول العملية وما ألحق بها من الأُصول والقواعد ويختمون بباب التعارض والتراجيح ومباحث الاجتهاد والتقليد. وفي خلال مباحث الألفاظ وغيرها أبحاث في الملازمات العقلية، كمقدمة الواجب والأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده ام لا؟ واجتماع الأمر والنهي وغيرها. كما أن لهم بحث مستوفي في خلال باب التعارض يعبّرون عنه بالتزاحم فيما إذا تزاحم أمران، في مقام العمل – وهو بحث عقلي أيضاً – مثل أن يبتلي المكلف في وقت واحد بأداء الصلاة وانقاذ الغريق، ولا يتـّسع الوقت لهما معا، فعند ذلك العقل يحكم بتقديم الأهم على المهم، ومالا قضاء فيه على مافيه القضاء، فيجب انقاذ الغريق وإن فات وقت الصلاة. وهذا باب من الأُصول فيه حل لكثير من المستجدات والنوازل. الثاني: التمييز بين الأمارات والأصول، وبين الأحكام الظاهرية والواقعية، وأيضا بين الأحكام الأولية والثانوية والأحكام الولائية وتوضيحها: أن مايتمسّكون به من الأدلة عند استنباط الأحكام يسمونها أمارة لكونها طريقا إلى الأحكام، وما يلتجئون إليه عند الشك في حكم من الأحكام، كالاستصحاب، والبرائة، والاحتياط والتخيير، مما يحكم به العقل غالبا – وبعض منها دل عليه النقل أيضاً – يسمونها الأصل ومجموعها (الأُصول العملية) - كما سبق – من أجل أن مؤداها وظائف عملية فحسب، وليست طرقا إلى ما شرّعه الله في نفس الأمر. وقد يعبّر عن الأمارات بـ(الأدلة الفقاهتية) وعن الأُصول بـ(الأدلة الاجتهادية). ثم مؤدّى الأمارات إن طابق الواقع الذي شرعه الله، فهي الأحكام الواقعية، وإن خالف الواقع لخطإ حدث في الاجتهاد، فهي أحكام ظاهرية يجب العمل بها على