المجتهد وعلى من يقلده، وهي مجزية عند الله مادام لم ينكشف الخطأ. وعند الأصوليين بحث مبسوط في كيفية الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية، ومن هذا المنطلق نشأ رأي لأحد كبار الأصوليين في القرن الرابع عشر، إلا وهو الشيخ ملا محمد كاظم الخراساني (م1329هـ) وهو صاحب كتاب (كفاية الأُصول) أهم كتب الأُصول الدراسية لحد الآن، وهو محور المحاضرات الأصولية المعبّر عنها بـ (البحث الخارج) - رأي خاص في تربيع الأحكام بحسب نشأتها عقلا فرتبها إلى (الحكم الاقتضائي) - وهو الملاكات التي روعيت في إنشاء الأحكام، ثم الحكم الإنشائي الذي هو مجرد إنشاء من دون تحديد حدوده وتقييد قيوده ثم الحكم الواقعي المشروط والمعلق، ثم الحكم الواقعي المطلق، فحصر الأحكام الواقعية فيما بلغ المكلّفين وقامت لديهم الأدلة عليه من دون خطأ في الاستنباط، وأما مالم يصل إلى هذه المرحلة فهو حكم إنشائي أو حكم واقعي مشروط. والحق أن علم الأُصول عند الإمامية، في القرنين الأخيرين اخذ طابعا فلسفيا، فكثير من مسائلها اختلطت بالفلسفة، فلا يفهمها من لا يعرف الفلسفة الإسلامية، وقسم آخر منها من فرط غموضه هو بنفسه نوع من الفلسفة. وقد سرى ذلك إلى كثير من المسائل الفقهية الفرعية. فلها لون فلسفي أيضاً. وأما تثليث الأحكام إلى الأولية، والثانوية، والولائية، فقد نشأ من ملاحظة أن الأحكام التي شرّعها الله لموضوعاتها من دون عروض حالة خاصة عليها، كوجوب الصلاة والصوم وغيرها من الواجبات، وكحرمة الخمر ولحم الخنزير وغيرهما من المحرمّات، هي الأحكام الأولية باعتبار تشريعها اولا، فإذا عرض ماغيّر الأحكام الأولية من الضرورات والأضرار ونحوها مثل الاضطرار إلى أكل لحم الميتة، أو شرب الخمر لرفع العطش أو للتداوي إذا انحصر الأمر فيه، وما شابه ذلك، فالحكم العارض بحسب الحالة العارضة هو حكم ثانوي لا يعارض الحكم الواقعي الأولي، لأنه ليس في عرضه وإنّما هو في طوله، لأنه إنما جاء بعد تبدّل الموضوع بطروّ الحالة العارضة، وهو باق إلى أن تزول تلك الحالة العارضة. والفقهاء يرفعون التضاد