والظاهر أن المحقق الأول، أو المحقق الحلي (م 676هـ) نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي – وهو من كبار فقهاء الإمامية في القرن السابع – أوّل من أطلق لفظ (الاجتهاد) من الإمامية على استنباط الأحكام في كتابه (معارج الوصول في علم الأُصول). هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان الفقه عند الإمامية في القرون الثلاثة الأول محصورا فيما روي عن الأئمة من الأحاديث والفتاوي مع مافيها من معالم ونماذج من الاستدلال والاستشهاد بالكتاب والسنة، حيث أن الأئمة كانوا مهتمين بتدريب أصحابهم على ذلك فقد قال الإمام أپو جعفر محمد بن على الباقر عليه السلام (48 – 114هـ) وهو والد الإمام الصادق وخامس الأئمة من آل البيت – لأبان بن تغلب (422) وكان من فقهاء أصحابه وكانت له مكانة عالية عند أهل السنة: (اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس، فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك)([4]). وروى زرارة بن أعين وهو من كبار أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام: مامعناه قلت لأبي عبد الله – أي الصادق – عليه السلام: من أين علمت أن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين، فأجابه بأن الله قال: (فاغسلوا وجوهكم) فعرفنا أن الوجه يغسل كله ، وقال: (وأيديكم إلى المرافق) فعلمنا أنه يجب غسل اليدين إلى المرافق. ثم فصّل بين الكلام فقال: (وامسحوا برؤسكم) فعلمنا أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس، كما وصل اليدين بالوجه، فقال: (وأرجلكم إلى الكعبين) فعلمنا أن المسح على بعض الرجلين...) ([5]). وكلّنا يعلم أن مسألة مسح الرجلين وغسلهما في الوضوء كانت ولازالت متضارب الآراء بين الفريقين، وهناك شيء كثير من الحوار والمحاجة بين الطرفين في هذه المسألة، وغيرها من مسائل الفقه، كمسائل العقيدة والكلام، جاءت في كتب مسائل الخلاف. وهكذا كان الفقه عند الإمامية في غالب الحديث نقلا عن الأئمة بأسانيد شتى إلى أوائل القرن الرابع الهجري، وكلما جاءت من أسامي الكتب في فهارسهم، ولاسيما في فهرست الشيخ الطوسي، وفهرست الشيخ النجاشي (م450هـ) منسوبة