إلى فقهائهم ومحدّثيهم الذين عاشوا قبل ذلك فهي مجموعات من الأحاديث الفقهية وهي قسمان: قسم منها (أصل)، وهو ما رواه الراوي عن الإمام مباشرة، أو بواسطة واحدة وعددها عند بعضهم أربعمائه اصل. وقسم منها (جامع) وهي التي جمعت ما كان في الأُصول وهذه هي (الجوامع الأولية) عند استاذنا الامام البروجردي رحمه الله، بإزاء الكتب الأربعة وهي الجوامع الثانوية عنده. وكان في الجوامع قليل من الشرح والبيان والاحتجاج، إلى أن برز فقيه في بلدة (قم) - وكانت من أهم عواصم العلم يومذاك عند الإمامية – وهو علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (م329هـ) - وهو شيخ عائلة كبيرة أنجبت فقهاء ومحدثين – فحول هذا الفقيه الفقه من الفقه الروائي الذي كان في ثوب روايات مسندة، إلى تجريد ألفاظها وحذف أسانيدها فعرض الفقه في صورة متن فقهي مستخرج من الروايات مع الاحتفاظ على الفاظها قدر المستطاع. فدوّنها في رسالة له إلى ولده، محمد بن علي المعروف بـ(الشيخ الصدوق)(م381هــ) ولم تصلنا هذه الرسالة كاملة، سوى قطعات منها أدرجها ابنه في كتابه (من لا يحضره الفقيه) - وهو أحد الكتب الأربعة المعتبرة في الحديث عند الإمامية – وكذلك في غيره من كتبه الفقهية. ويسمى هذا النوع من الفقه (مجرد الفقه) أو الفقه المنصوص. فهذا يعد أول تحول في الفقه الإمامي. ثم نهض في القرن الرابع فقيه معاصر للشيخ الصدوق باسم (محمد بن أحمد بن الجنيد الإسكافي)، المتوفي عام 381هـ([6]). نفس العام الذي توفي فيه الصدوق – بتأليف كتب استدلالية في الفقه الإمامي، على طراز ماكان عند أهل السنة من ذي قبل، ولكن كتبه – مع الأسف – لم تصلنا. سوى بعض فتاويه متفرقة في الكتب المتأخرة من زمانه. ويبدو أنها تـُركت وطُردت حين ظهورها من قبل العلماء، لأنها كانت مظنة الرأى والقياس – وقد كان ابن جنيد ينسب إليه العمل بالقياس – وحينئذ قام تلميذه وتلميذ الصدوق معا الشيخ المفيد (م 413هـ) أبو عبد الله محمد