بشرط أن لا نقع في مطبات الماضي وتعقيداته، وأن لا يفضي التعدد إلى صراعات، تتناحر فيها المذاهب، فتتحول المذهبية الفكرية على اتساعها، إلى مذهبية ضيقة سياسية أو عرقية، لا يجني من ورائها المسلمون إلا مزيد التشرذم وتفتت القوى. وهذا هو غرض الاستعمار فينا. وإننا نرى أن الخلافات القديمة قد تأسست على خلفيات تاريخيةI]hأهداف وسياسية ومذهبية، قد ولاها الزمن وعفت عنها الأحداث والأيام، ولم يعد لها اليوم بيننا مبرر وجود، إلا في بعض الذهنيات الفكرية العاجزة القاصرة. بل إن المذهبية الجديدة، يجب أن تتشكل، في تصورنا، وفق وعي جماعي جديد، وأن تتوجّه بكليتها إلى التجميع والتوحيد حيال المخاطر التي تتهدد الكل، من غير تخصيص ولا استثناء. ولن تجدي المصالح الضيقة، ولا الاعتبارات السياسية الحزبية، ولا الانتماءات الثقافية المحلية، في أن تحمي بعضنا أو أن يفلت من قبضتها البعض الآخر. الوحدة شرط الندية في التعامل مع الآخر إننا لا نتوحّد من أجل أن نلغي غيرنا، أو أن ندخل في مواجهة حضارية أو مصادمة بين الأديان. بل إننا نطمح إلى أن يكون لنا موقع حضور كامل وفاعل ومميّز بين أمم وشعوب العالم، تملأنا الثقة الكاملة في عدالة مبادئنا وشرعية قضايانا، مع الوثوق في قدراتنا الذاتية. وإن من الخصائص القوية للإسلام، أنه نص مفتوح على الزمن، متواصل في حواره مع الأجيال المتجددة، في مرونة تكفل الاستمرارية والدوام. وهو أيضاً مفتوح على قضايا الإنسان من غير ميز ولا عنصرية . قال تعالى: (ومـا أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (سبأ / 28). ونص بهذه المكوّنات الفريدة، لا يمكن أن يكون إلا رسالة سلام ومحبة إلى الانسانية جمعاء. ولمّا أعلن الإسلام مبدأ الكرامة الانسانية، من غير تفضيل ولا محاباة، ولا تحقير ولا تهميش، إلا من فضل العمل الصالح الذي به تكون إفادة الإنسان، فقد مهّد به السبيل لبناء الأخوة الانسانية، باستنبات مشاعر الأًلفة