واستثمار عطاءاتها ومواهبها، وتحويلها إلى جهد جماعي يختصر الزمن ويحقق الكيف في أعلى درجات جودته وامتيازه. إن مجمعا كمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وغيره من المجامع العلمية، هو إطار مثال لتلاقي العلماء وتبادل الآراء والخبرات، على تنوّعها واختلافها، بتوظيف مجموعها في صياغة اجتهادية جماعية متكاملة، تصدر عن إرادة أعضائها وموافقتهم، في تدارس حر نقدي، لا مراعاة فيه إلا للمصلحة العامة للمسلمين. وعلى منوال هذه المؤسسات، يستلزم الأمر قيام نظيراتها في مجالات أخرى لا تقل عنها أهمية، ومنها المجامع الاقتصادية التي يمكن أن تتيح توظيفا أكبر لطاقات الدول والشعوب، في مجالات البحث العلمي، والدراسات الاستراتيجية. وعلى هذه الرؤية الاستشرافية، تتهيأ الظروف المناسبة لقيام تعاون مثمر في كل المجالات، من أجل توظيف الثروات الكبيرة للعرب والمسلمين، في خدمة أغراض التنمية والتكامل الاقتصادي. إنه لا مناص من مواجهة هذه التحديات الجسمية، ومسابقة الزمن، بقيام التكتل العربي والاسلامي المنشود، على غرار ما يقع في العالم من تجمعات كبرى. إنه بمستطاعنا، موضوعيا، أن نستجمع قوانا، ونلم شتاتنا، بأن ننتصر إلى ما هو مشترك بيننا، جامع لا مفرّق. إننا نلتقي حول عقيدة واحدة، تمثل الرابطة الجامعة بين كل المذاهب والطرق، وبين كل المسلمين على اختلاف أجناسهم وأعراقهم. قال تعالى (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (الأنبياء / 92). وهذه الوحدة تقتضي مسؤولية استحداث الأطر والهياكل الجامعة، بما يتيح اللقاء والتعارف والتقارب. ولعله من مسؤوليات منظمة المؤتمر الإسلامي، استحداث هيكل يهتم بالبرامج والتخطيطات لأشكال من التجمعات العلمية والثقافية والاقتصادية، مع توفير الامكانات اللازمة لتفعيل دوره وتحقيق أهدافه. إن تعدد المذاهب، وكثرتها ، واختلاف مناهجها، هي عنوان الحيوية الفكرية والثراء الثقافي. وما أحوج واقعنا اليوم إلى مثل هذه الديناميكية للبعث الحضاري،