والتقارب والتحابب، وإزالة كل ما من شأنه أن يحول بين القلوب ويملأها كراهية وكدرا. إن رسالة الإسلام، باعتبارها اختتاما للرسالات السماوية، تعد امتدادا تاريخيا دينيا لكل الرسالات في صورتها المكتملة. وعلى هذا الأساس المتين، دعا القرآن الكريم جميع الأديان السماوية إلى الالتقاء على كلمة التوحيد التي هي أصل مشترك بينها، كمنطلق للحوار وتقريب الشقة والخلاف، وإزالة شوائب الصدام والمواجهة. قال تعالى: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ، إلا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئا) (آل عمران / 64). ولاشك أن علماء الإسلام حريصون على إقامة هذا الحوار الحضاري والديني، لتجاوز منغّصات الماضي وتخطي العقبات الكاداء. وهو شرط لا غنى عنه، لتدعيم أبنية السلام الروحي والمادي في العالم. 5- الخاتمة إن حركة التاريخ لا تنفك عن حركة الفكر الإنساني. وإن تولّد الحضارات من تولّد طاقات الفعل والابداع. وإن التجدد والتغير هو ناموس الكون وقانونه الساري، لا يتخلف عنه ولا يتوقف . ولقد نبه القرآن إلى هذه الحقيقة الكبرى، ورددها في غير موضع من السور والآيات، ومنها قول الله تبارك وتعالى: (أو من كان ميتا فاَحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس، كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) (الأنعام / 122) . وقال سبحانه (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) (الأنفال / 24). إن الأمة الإسلامية، هي اليوم، في طور دقيق من محاولة النهوض، بعد أن صدمها وعيها بواقعها المرير المنهزم. وهي تتلمس الخطى إلى الخلاص، باستجماع قواها لأغراض التنمية والتقدم. وابتدأت التجارب الأولى، بعد الاستقلال، باقتباس بعض المناهج والنماذج. ولاقت كثيرا من العنت في تطبيق هذه النظريات الجاهزة، ولم يفلح كثير منها في تحقيق أهدافها. ولعلنا اليوم، قد بلغنا مرحلة من النضج، يتيح طورا