على أنه، لابد لنا أن نراعي في زماننا وعصرنا ، اتساع مجالات البحث والاجتهاد، وكثافة القضايا المعروضة، وتعقد الإشكاليات المطروحة، بما لا تتسع له قدرة الفرد الواحد، مهما بلغت إحاطته، وتنامت إمكانياته ، ولو أفرغ الجهد وصرف العمر. الأمر الذي أدّى إلى ظهور الاختصاصات في شتى المجالات، بل إلى تدقيقها، حتى آلت إلى اختصاصات ضمن الاختصاصات. ولذا، نرى ، ضرورة جمع القدرات، وانصهارها في جهد جماعي، ضمن مجامع أو أكاديميات علمية، لتتيسر بذلك العملية الاجتهادية في أبعادها المتكاملة: الزمن، الجهد، النجاعة، والدقة. 4 – الاجتهاد وأهميته في عصرنا الحديث إننا لا نبالغ، حين نقول، أن عصرنا الحالي، هو عصر الحوادث، بلا منازع. إذ تتغيّر فيه وتيرة الأحداث، على نحو متكاثف ومتسارع، بغير تقطّع ولا تراخ. إنه عصر الثورة المعلوماتية، وعصر الذكاء الاصطناعي، وعصر الثورة الهائلة في ميدان تكنولوجيات الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية، ومن خلال الشاشات الالكترونية، وشبكات المعلومات العالمية كالأنترنات وغيرها. وهذه الثورة المذهلة، أدّت فيما أدّت إليه، إلى ثورة في المفاهيم والتصورات، عن العالم والحضارة والثقافة. وغَدا مصير الانسانية، في ضوء تشابك المصالح، مصيرا واحدا مشتركا. وليس من باب المبالغة في التقدير العلمي، ولا من قبيل الإنشاء الأدبي التوصيفي، أن نقر بأن العالم، على اتساع حدوده وامتداد رقعته، قد تحوّل، في رمزية وجوده، من حجم الذرة إلى صغر نواتها، مع فارق القياس. أو لنقل عنه، كما يروق للعلماء أن يصفوه، هو قرية الكترونية صغيرة. هذه صورة من صور معاينتها للواقع القائم، بمختلف تجلياته وغزارة أحداثه وتحولاته، لا يمكن أن نقف حياله موقف المكتفي بالمشاهدة عن بعد، ولا موقف المنبهر وقد أعشت عينيه انعكاسات الضوء المتدفـّق. بل نحن مطلوبون إلى سرعة