عليه الصلاة والسلام في المشهور في أقواله (من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد). ومن الشواهد والآثار، قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو يأمر أحد قضاته، أبا موسى الأشعري، بالاجتهاد وتحكيم الرأي، لتصويب الفهم، وتسديد النظر (الفهم، الفهم، فيما تلجلج في صدرك، مما ليس في كتاب أو سنة. ثم اعرف الأمثال والأشباه، وقس الأمور بنظائرها). نماذج من أقوال العلماء: ومن الآراء الحكيمة السديدة، الداعية إلى الاجتهاد، ما ذهب إليه أبو الفتح الشهرستاني (تـ 548هـ / 1153م) في كتابه »الملل والنحل« قائلا (إن الحوادث والوقائع في العبادات والتصرفات، هي مما لا يقبل الحصر والعدّ. ونعلم قطعا، أنه لم يرد في كل حادثة نص، ولا يتصوّر ذلك أيضاً. والنصوص إذا كانت متناهية، والوقائع غير متناهية، وما لا يتناهى ، لا يضبطه مايتناهى، علمنا قطعا أن الاجتهاد واجب الاعتبار، حتى يكون بعدد كل حادثة اجتهاد). ويعضّد هذا الرأي، كلام أبي إسحاق الشاطبي (ت 790 هـ/1388م) في كتابه »الموافقات«، وخلاصته (أنه لابد من حدوث وقائع لا تكون منصوصا على حكمها، ولا يوجد للأولين فيها اجتهاد عند ذلك لابد للاجتهاد في كل زمان، لأن الوقائع المفروضة لا تختص بزمان دون زمان). هذا، وإن توافق هؤلاء الفقهاء وغيرهم من الأصوليين، على تحديد المفاهيم وضبط التعريفات، ووضع الشروط والتقييدات، التي لا يكون الاجتهاد إلا ضمن حدود دائرتها، قد أدّى ، في رأينا، إلى نشوء وتشكيل ذهنية الاستحالة والقصور، في عصور التخلّف والانحطاط، الأمر الذي انحسرت معه عملية الاجتهاد فهما وتطبيقا، وضاقت بسببها مجالات التجديد واستنباط التشريعات المستجيبة للحاجيات المتولّدة والمصالح المرسلة.