3- حكم الاجتهاد وحجيّته من النص والعقل حكمه: هو فرض عين على القادر، إذا توفـّرت فيه أهلية المعرفة بالشرعيات، والعلوم المساعدة والمساندة لها، لاستجلاء الحكم المناسب في القضايا المعروضة عليه. وهو قول الجمهور من الفقهاء والأصوليين. حجيته: لاشك أن هناك نصوصا من القرآن والسنـّة، تؤكّد وجوب الأخذ بالاجتهاد، واستعمال الرأي الحصيف، وحثّ المسلمين على إمعان النظر في أمورهم، والتدبّر في قضاياهم وشؤونهم، مع حسن الفهم والتطبيق. من ذلك قول الله تبارك وتعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم، لعلهم يحذرون) (التوبة/ 122)، وقوله جلّت حكمته (أفلا يتدبرون القرآن، أم على قلوب أقفالها) (محمد/ 24). ولو استرسلنا في سرد الشواهد من الآيات القرآنية، لضاق بنا المجال عن حصرها والإتيان على مجملها. وعلى المهتم أن يرجع إلى كتب التفسير والإعجاز، ليجد بغيته فيها. والحق الذي لا يشوبه شك، أن القرآن – من خلال ماورد فيه من معان ورموز، وأمثال وقصص، وحِكم وأحكام - يتضمٍن دعوة صريحة لاستخدام العقل والفكر، بالتمعٍن والتدبر، والنظر والتبصر، وفيه من أساليب الحجاج المحكمة، والمحاورة المقنعة، وضرب الأمثلة البيّنة، المؤيدة والمفحمة، ما يحفز العقل على استقصاء دلالات نصوصه، واستكناه مكنوناتها ومغاليقها، واستنباط معانيها وأحكامها. وفي السنة النبوية المطهّرة، أيضاً، شواهد عديدة على وجوب الاجتهاد. منها قول رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لمعاذ بن جبل رضي الله عنه، لما بعثه قاضيا إلى اليمن (بمَ تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنّة رسول الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو. قال معاذ: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدري وقال: الحمد لله الذي هدى رسول رسول الله لما يحبه الله ورسوله) . وقال