عندئذ يسبب ترك اعتباره اضراراً بالغاً ويلحق مسائل الرأي بالدين والظنيات بالقطعيات. ويسوغ الغاؤه ان كان العامل به لا يتبع ذلك المذهب إلا ليتكئ عليه في تحقيق مصلحة يهفو إليها قلبه مخالفة لهواه وقطعاً لحبال التلاعب. ويحتمل الالغاء وعدمه إن كان الدليل يكاد يكون صريحاً في الالغاء كالنص على البطلان ونحوه فهنا يمعن المجتهد النظر لأن الموضع شائك. التجديد وتحقيقه للاجتهاد إن سلك التجديد منهجه الصحيح فهو سلم للصعود إلى منازل الاجتهاد العالية، فكل واحد منهما طريق إلى الآخر ـ وليس الدور الذي بينهما ممنوعاً لأن المتقدم منهما يؤثر في المتأخر ـ وذلك عند اتصافه بما يلي: 1ـ صياغة مناهج التعليم والتأليف حتى تجمع بين النظرية والتطبيق في كل العلوم سيما الأُصول فتربط بالفروع بضرب الأمثلة لتجلو صور مسائله، إذ يتمكن الطالب من التطبيق عند وجود مثال يدرك من خلاله حقيقة المسألة، والمزج بينهما ـ النظرية والتطبيق ـ يعتبر من أهم مقاصد التجديد ومن ابرز شروط المجتهد، مع التمييز بين جانبي التسليم والمناقشة حتى لا يخلط بينهما في تطبيقه، كما يمكن تجاوز بعض المسائل التي لا تمت للواقع برباط فيستغنى عنها بما هو أهم منها. 2ـ فتح باب الاجتهاد وان كان في حقيقته رجوعاً إلى ما كان عليه سلف هذه الأمة حين وردوا من المعين الصافي. 3ـ اعادة النظر في بعض شروط الاجتهاد التي يمكن اعتبارها تعجيزية تحول دون بلوغ رتبته، ومن ذلك ما نسب إلى الامام احمد "قال محمد بن عبدالله بن المنادي: سمعت رجلاً يسأل احمد، إذا حفظ الرجل مائة الف حديث يكون فقيهاً، قال: لا قال: فمائتي الف. قال: لا قال: فثلاثمائة. قال: لا. قال: فأربعمائة قال: بيده هكذا وحرك يده([61])"، أي يكون ضابطاً لها تمام الضبط، وهو كلام فيه من التشديد ما لا يخفى فأغلب صحابة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ومن جاء بعدهم من فطاحل