سويّاً)([41]) ويقول تعالى على لسان صفوة الأنبياء والمرسلين(صلى الله عليه وآله وسلم) معرباً عن مهمته ومهمة من سار على دربه من المجددين: (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني)([42]) فالبصيرة شرط أساسي لا تنفك الدعوة عنها. وكل صور التجديد العلم شريانها الحي الذي ينبض مع تنوع في مراتبه فبه يجلو الصدأ عن مرآة الإسلام، وعن طريقه يمكن تطهير الدين من البدع، وان كانت محاربة المحدثات لا يشترط فيها الاجتهاد وربما ملكها الإنسان بقوة الصولجان (يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) إلا أن تصرفه لابد ان يكون مسبوقاً بتصور مستقى من ينابيع الدين الصافية بالعلم، على أنه في أحيان كثيرة ان لم تكن له قدم راسخة في المعارف زلت به القدم وأحكمت تصرفاته العواطف الرعناء فيتنكب عن مقصده بل يحيد عن الصراط السوي. ولكثرة الشبه التي تثار في وجه الحق يلتبس بالباطل في تصورات العوام، وهنا لا يمكن التجديد الحقيقي إلا عن طريق المجتهد لتعذر ادحاضها على من لم يرضع لبان الأُصول، وان وقع حيناً فلا يخلو من نقص يشينه. ومحاكمة القضايا الجديدة بالمنظار الشرعي وفق دليله لا يمكن ان يتصورها الإنسان إلا بالاجتهاد فهو الطريق الوحيد إليها، ومن سلك غير طريقه فلا يمكنه الوصول إلى الغاية المنشودة: سارت مشرقة وسرت مغرباً شتان بين مشرق ومغرب إلا أن اعادة الطرح لا يشترط فيه الاجتهاد ان تعلق بالإسلوب وحده، وبه يكون جثة هامدة لا تنبض فيها حركة الحيوية المنشودة في التجديد وهو تجديد قشور لا تجديد لب، ولا يمكن بها مقارعة بقية الأفكار التي تضخ معطيات فكرها بقوة. والواقع التاريخي يرينا الارتباط وثيقاً بين الاجتهاد والتجديد فلا تكاد تجد متصفاً باحدى الصفتين إلا وله قدر لا يستهان به من الأخرى على تباين في المراتب (وفوق كل ذي علمٍ عليم)([43]) (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)([44]).