وأخرى، وذلك يؤكد ضرورة التجديد، وفي ذلك يقول الدكتور محمد القادري: (ولا شك ان امتداد الزمان يجاريه تبدل في الدوافع والمحركات التي يجري عليها التيار الحياتي، وليس لأحد ان ينكر تلك الدوافع والمحركات لجميع وجهات الحياة، من وجهات جغرافية أو ثقافية أو حضارية… ومع هذا التغيير الدائم تأتي ضرورة تغيير الوجهات التطبيقية حسب مقتضى الحال، لأن القواعد الموضوعة من قبل العلماء في الزمن الفائت، والتي كانت مناسبة للفترة التي عاشوا فيها؛ تصبح غير عملية وغير ملائمة للوضع الحياتي الحالي فتقل قيمتها التطبيقية…)([38]). لكن حال دون تحقيق الأماني تصور بعض الناس ان كمال الدين يتنافى مع التجديد مع أن كماله يفتح المجال للتجديد في بعض المجالات للتغير الواقع في الظروف فيها، وقطع آخرون اماني الابداع وذلك لأنهم ظنوها داخلة في حديث: (… وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) ([39])، مع أن البعد بين المنهي عنه فيه ومجال التجديد بعد المشرقين، فالحديث في الثوابت دون غيرها، والتجديد للمتغيرات ولا يتعرض للثوابت إلا من حيث الأسلوب وهو من المتغيرات. والشريعة حثت على التجديد باجمالها في بعض الجوانب لتترك المجال للعقل وللواقع، يقول الدكتور محمد عمارة: (لقد وقفت الشريعة الإسلامية عند التفصيل للأحكام مما هو ثابت وللتجديد لما هو متغير)([40]). والتجديد بطمس معالم الباطل واجب مقدس، وهو فرض أيضاً في معالجة المتغيرات عندما تدعو الحاجة لتطبيقها، وبالنسبة للاساليب فانها تختلف بتباين المقامات، فقد ترقى إلى الوجوب وقد تقتصر على ما دونه. وركيزته الأساسية تكمن في العلم فبدونه يرتكس إلى الحضيض؛ فلذا أنعم الله على انبيائه بسعة العلم والفهم لأن مجابهة تيار الجاهلية يقتضي التسلح بسلاح العلم فبه تتضاءل الشبه وتتبدد الظلمات فالله تعالى يقول على لسان نبي من اعظم المجددين مخاطباً أباه: (يا أبتِ إنِّي قد جاءني من العلم ما لم يأتِك فاتَّبعْنِي أهْدِك صراطاً