النسخ أو على التأويل أو على الترجيح من جهة التوفيق)([35]). فبعد أن أمرنا الله بالاحتكام إليه وإلى رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) عند التنازع وجعله شرط الإيمان نسمع من يحاكم نصوص القرآن بأقوال ائمته فنسأل الله السلامة، ومن هؤلاء من منع القياس بعد الأربعمائة بلا دليل ولا واضح سبيل، لان العقلية أصبحت ترسف في قيود التقليد، فما أن يخالف أحد الفقهاء أقوال ائمته ـ وإن أتى بالبراهين الصريحة ـ حتى تشن عليه حرب شعواء لا هوادة فيها، مع أن الذين حاولوا إغلاق باب الاجتهاد اجتهدوا في هذه القضية مع عدم ذكر سلفهم لها ومع منافاتها للدليل. ومقصد هؤلاء سد باب الفتنة في وجوه المتعالمين حتى لا يتسوروا ما لا يستطيعون الصعود إليه وقطع الطريق على فقهاء السلطة الظالمة، وهي ردة فعل لكثرة المتطفلين بلا رصيد علمي ولا تقوى تردعهم، واضافة إلى ذلك رأوا ان عدم استقرار المذاهب يؤدي إلى كثير من الفتن والمحن، والواقع ان مقاصدهم لم تتحقق، فلم يرتدع المتطفلون ولو وجد رادع لهم لردعتهم قوارع النذر من الكتاب والسنة التي تحرم التقول على الله بغير علم، وترتب عليه أليم العقاب؛ ولم يغلقوا باب الفتن؛ بل انفتح على مصراعيه لتعصب كل طائفة لإمامها، وللمنع منه عزف الناس عن الأُصول لعدم الداعي إليها، لأن غايتها الاجتهاد، وإذا منعت الغاية فلا ينبغي للعاقل ان يضيع وقته في طلب أسبابها، وبسبب هؤلاء اختلطت دائرتا التسليم والنقاش عند الناس، حتى أنهم اقتنعوا بكثير من المتناقضات لأنهم اجروها في دائرة التسليم، فلم يتمكن ادراكهم العقلي من تبديد زيفها، بل لو نبههم غيرهم لقلبوا له ظهر المجن للخلط المذكور، وهو في الوقت ذاته يقتل طموح الإنسان ويودي بعقله. التجديد والاجتهاد قبل البدء في الكلام عن ارتباط الكلمتين لابد من معرفة التجديد حتى تكون صورته شاخصة للعيان.