تكاد المسائل تطرأ فيه إلا قليلاً مقارنة بزماننا الذي يومه يفوق مائة عام من اعوامهم في تبدل الظروف والأحوال يؤكد ضرورة تهيئة ظروف الاجتهاد في زماننا. 3ـ وقريب منه قول بعض أئمة الأُصول بوجوب تقليد عالم العصر، وهو مما يدفع عجلة الاجتهاد قدماً، لان العارف يسعى لنيل هذه المنزلة ليحيي الله على يديه الأمة، ويحثه ذلك أيضاً على تحرير ما يراه لئلا يحرج مقلديه، وهو يقوي الرباط بين الطرفين: المجتهدين وغيرهم، وهو بالتالي يحقق ما تصبو إليه الأمة من تجديد، لأنه بدون الرباط بينهما لا يسمع قول العالم ولا يتحقق بذلك مراده. 4ـ اختيار بعض الأصوليين وجوب تكرار الاجتهاد في المسألة إذا أراد العمل مرة أخرى لإمكان ظهور ما خفي عليه من قبل أو طروء ادلة تبدد تصوره السابق، وإن كان الصحيح عدم وجوبه إلا إن تغيرت صورة المسألة أو ارتاب في أدلتها لعارض أو نحوه، وبذلك يخرج عن المسألة المطروحة، وعلى العموم فان كان التكرار واجباً عند بعض مع المناقشة السابقة للقضية فما بالك فيما لم تخطر القضية بباله أصلاً؟!. 5ـ اشترط بعضهم الاجتهاد في المفتي والقاضي، لأن غيره لا يكون عالماً فكيف يسوغ له الإفتاء وأنى يُمكّن من القضاء وهو جاهل؟! والاجتهاد في عصرنا أسهل من ذي قبل لسهولة الحصول على الكتب وكثرة المراجع وتنوعها، وفي ذلك يقول العلامة رشيد رضا: (ليس تحصيل الاجتهاد الذي ذكروه بالأمر العسير ولا بالذي يحتاج فيه إلى اشتغال اشق من اشتغال الذين يحصلون درجات العلوم العالية عند علماء هذا العصر في الأمم الحية كالحقوق والطب والفلسفة، ومع ذلك نرى جماهير علماء التقليد منعوه، فلا تتوجه نفوس الطلاب إلى تحصيله)([34]). وهؤلاء يصدق عليهم قول القائل: ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام بيد أن المانع الأساسي منه وقوع كثير من أهل العلم في شراك التقليد، وقد سرت عدواه حتى أن بعضهم منعهم الافراط فيه من الاستدلال بالكتاب والسنة لمخالفتها لمن يقلدون حتى قال قائلهم: (كل آية تخالف اصحابنا فإنها تحمل على