بعد عمر وكان هذا الردّ حجة قوية رجحت رأي أبي بكر، وقنعت كل المعارضين له. فضيلة الرئيس: فالشورى: نوع من الإجتهاد الذي يتطلب بذل أقصى الجهد للتعرف على الحقائق وأصوب الآراء، بعد تقليب وجهات النظر، وتبادل الآراء بحثا عن الحل الأفضل والحكم الأصوب في مسألة من المسائل الطارئة. ومجال الشورى في الغالب هو في الأمور الدنيوية والتدابير الحربية والقضايا المعاشية مما لا نص فيه أو يوجد فيه نص ظنّي الدلالة على الحكم، أما النص القطعي في دلالته، فليس مجالاً للإجتهاد أو الشورى إلاّ في ظرف زمني أو مكاني أو شخصي معيّن، مثل ترك العمل بتطبيق حكم قطع يد السارق في عام المجاعة وعدم إعطاء المؤلفة قلوبهم سهمهم من الزكاة حال قوة المسلمين واستغناء الأُمة عنهم، قال ابن عطية في تفسيره: «مشاورته عليه السلام إنما هي في أمور الحروب والبعوث ونحوه من الأشخاص والنوازل، وأما في حلال أو حرام أو حدّ، فتلك قوانين شرع». وخلاصة هذا القول: قد تكون الشورى في الأمور العامة، كقضايا السلم والحرب وجمع الناس على الصلاة، أو في الأمور الخاصة كالزواج والطلاق والميراث والمصالح الشخصية، وقد استشار النبي (صلى الله عليه وآله) بعض الصحابة في شأن السيدة عائشة قبل نزول براءتها من السماء في قصة الإفك، جاء في الحديث الثابت ان النبي(صلى الله عليه وآله) قام خطيبا، فتشهّد فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: «أما بعد، فأشيروا علي في أناس أُبنوا أهلى» أي ذكروهم بقبيح. ودعا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) علي ابن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يسألهما،