ورفض عمر أن، يعهد بالخلافة من بعده لمن يرى، خلافاً لما كان سائداً من طريقة التوارث في الحكم، وولاية العهد التي إستنها معاوية. سعادة الرئيس: وقد سبق سيدنا علي بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه وصلوات اللّه وسلامه عليه إلى هذا الإتجاه، حينما ذهب بعض الصحابة إلى بيته، ليبايعوه خليفة بعد مقتل عثمان،(رضي الله عنه) وألحوا عليه في قبول البيعة، فقال: «ففي المسجد - أي تكون البيعة في المسجد علانية - فإن بيعتي لا تكون خفيا، ولا تكون إلاّ عن رضى المسلمين» وحينما طعنه عبد الرحمن بن ملجم من الخوارج في المسجد، قال له بعض المسلمين: «إن فقدناك ولا نفقدك، أفنبايع الحسن؟» فقال لهم (رضي الله عنه): «ما آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر». أيها الرئيس: وفي المجال الداخلي سار الخلفاء الراشدون على سنّة النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله)فكانوا يجمعون رؤساء الناس، فيستشيرونهم فيما لم يجدوا فيه نصاً في القرآن والسنّة، وهذا دليل على أن الشورى نوع من الإجتهاد. ومن وقائع الشورى: مشاورة أبي بكر في حروب الردة، وفي جمع القرآن، ومشاورة عمر في قسمة سواد العراق بين الغانمين، أو تركه بيد أهله وفرض الخراج عليه، وكان القرّاء أصحاب مشورة عمر. ومن أمثلة هذه المشاورات قضية مانعي الزكاة، فإن أبا بكر رأى قتال من منع الزكاة، فقال عمر: كيف تقاتل؟ وقد قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) «أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماؤهم وأموالهم إلاّ بحقّها» فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرّق بين ماجمع رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ثم تابعه