وهو يستشيرهما في فراق أهله، فأمّا أسامة فأشار بالذي يعلم من براءة أهله، وأما علي فقال: لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثيرة، ثم سأل الجارية بريرة، فقال: «هل رأيت من شيء يريبك؟» قالت: ما رأيت أمراً أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتى الداجن فتأكله. أيها الرئيس: بهذا يتبين أن نطاق الشورى يشمل مختلف القضايا الدنيوية السياسية، والإجتماعية والإقتصادية والتربوية، كما يشمل بعض الأمور الاجتهادية الدينية، التي لم يرد فيها نص تشريعي واضح الدلالة. والشورى ذات أهمية كبيرة، لاسيما في القضايا العامة، ولا يستغني عنها أحد مهما عظم رأيه أو مكانته، ففيها فائدة ملموسة للقائد الحاكم، حيث يختار مايراه أصوب الآراء وأكثرها جدوى ونفعاً، وفيها فائدة محسوسة للرعية، لأنها أداة فعّالة لإشراكهم في الحكم، وإدارة البلاد وتسيير القضايا العامة. وهي بالتالي تطفئ الأحقاد، وتذيب مسار الإعتراضات، وتطوّق جانب الإنتقادات واللوم الذي يكثر عادة للدولة ورئيسها. وبغض النظر عن ذلك فالشورى أسلوب ناجح لتوجيه إهتمام الإنسان بالقضايا العامة، وتنمية المدارك والمعارف، ممّا يجعله حريصاً على إنضاج رأيه، والإستزادة من حقل العلم والمعرفة، ليكون رأيه مسموعاً، وفكره مقبولاً، وهي تعبير علمي عن الحرية، وتجسيد لروح المساواة الفعلية، ورمز للكرامة الإنسانية. سعادة الرئيس: بهذا كله أختار أن يكون هذا البحث محاضرتي تحت عنوان: (الإسلام دين الشورى والديمقراطية).