هـ - الأرض بالذات تحتاج إلى خلاص وافتداء، حيث ترك معظمها للإهمال والجدب. والافتداء يلزمه حكومة مستقرة ومستنيرة، بالإضافة إلى نشاط اليهود وذكائهم والطاقات المالية الضخمة التي لا غنى عنها في حقل التنمية والتطور([240]). إن عودة إلى تاريخ المنطقة ترينا أن اليهود لم يستقروا في مكان لفترات طويلة، بل إنهم كانوا في ترحال مستمر.. وإن الوجود التاريخي الفعلي للعبريين القدماء في فلسطين، يبدأ من ذلك الوقت الذي توج فيه الملك شاؤول على كل إسرائيل. والفترة التي تلت ذلك حُكم داوود وسليمان(عليهم السلام)حيث بلغت هذه المدة إجمالاً مائة عام. وبعد سليمان تمزق الملك وأصبح الوجود العبري في فلسطين من الناحية السياسية وجوداً ضعيفاً مهدداً بالزوال. وعلى ذلك فإن الفترة التي قامت فيها لليهود في فلسطين القديمة قائمة تاريخية وسياسية واجتماعية يعترف بها التاريخ لا تتعدى كلها قرناً واحداً من الزمن. والثابت من التاريخ أن دولة اليهود قد فقدت كيانها السياسي نهائياً منذ القرن الأول الميلادي، عندما احتل الرومان سوريا وفلسطين. ولم يسمع بعد ذلك بقيام دولة يهودية في فلسطين. كما إن اليهود لم يعودوا منذ ذلك التاريخ إلا مجرد أقلية ضئيلة بالنسبة لسكان فلسطين، وفي ذلك يقول المؤرخ رانياش: «لقد اجتمعت كلمة كثير من المؤرخين، وتؤيدهم في ذلك الحفريات والآثار، على أن اليهود كانوا منتشرين منذ القرن الأول للميلاد في جميع جهات حوض البحر المتوسط، ومنذ ذلك الزمن البعيد لم تبق لهم صلة بفلسطين، وتلك الحقيقة تدحض حجج اليهود وتشير إلى عدم وجود علاقة قانونية يمكن أن يزعمها اليهود بالنسبة لفلسطين