وإن معادلة الاستعمار كانت دوما منع الاجتياح السطحى للرمال أي منع مزاوجة الكثافة السكانية البشرية الأقدر على صنع الحضارة في الوطن العربي مع النصف الثاني من الوطن العربي الأشد غنى والأقل كثافة بشرية والأقل قدرة على صنع الحضارة والذي ينتج عنه وحدة عربية تملك الرجال والمال ومقومات النمو والاستمرار أي بلغة الاستعمار حرمانه من العصب الذي يبني عليه حضارته. والتي تعني وقف عملية النهب للوطن العربي التي لولاها لما تمتع الرجل الأبيض الغربي بمستوى حياة تفوق عدة أضعاف مستوى حياة الإنسان العربي صاحب الأرض والثروة الحقيقي. فالوجود الصهيوني هو وجود عسكري بحت وكأي جهاز عسكري فإن شرط الوجود يكمن بالخارج وليس بالذات، فشرط الوجود هو شرط أداء المهمة المحددة بشروط معينة لصالح قوى أخرى، فعندما استعصى على الاستعماريين الأوربيين استعمار فلسطين واستيطانها بقوى بشرية مسيحية أوروبية لافتقار فلسطين إلى الغنى (عنصر الجذب) الذي تميزت به روديسيا وجنوب افريقيا قاموا بابتداع الحركة الصهيونية لتجند (وبمساعدة الاستعمار الغربي) الجماهير اليهودية وتستجلبها إلى فلسطين تحت ستار الإيديولوجية الدينية وهي العودة إلى أرض الميعاد. وبالرغم من نضال قرن كامل فلم تستطع القوى الاستعمارية ولا الحركة الصهيونية رفع أعداد اليهود في فلسطين عام 1947 إلى أكثر من 620 ألف نسمة بما فيهم اليهود الأصليون علاوة على مئة طفل يتيم من المياتم الأنجليكانية. وبعد قيام الكيان الصهيوني لم تكن الحركة الصهيونية هي من ابتاعت الجالية اليهودية من إمام اليمن ولا الجالية العراقية من نوري السعيد وإنما من ارتهن