كالاغنام في حظيرة تساق بوعظ الكهّان. ومنذ ولدت الصهيونية السياسية في القرن التاسع عشر وهي تعمل جاهدة على تكوين شخصية اليهودي القومية حتى إذا ما اُنشئت الدولة المسخ جاء ارتباطه السياسي بها قوياً. فهي أرض قوميته كارتباطه بالتوراة، فالإرتباط اليهودي بأرض فلسطين قوي جداً لأنه نتيجة حتمية لارتباطه بدينه ومن هنا كانت الديانة اليهودية قومية كما أن القومية اليهودية دينية فالدين اليهودي يتضمن جميع مبادئ الصهيونية المتجذرة في الدين اليهودي فاليهودية هي الديانة القومية للشعب اليهودي والصهيونية تنحصر في تأمين أرض لهذا الشعب وهذه الأرض هي فلسطين لارتباطها بالديانة اليهودية فهي أرض الميعاد أو جبل صهيون أو مركز الهيكل وهكذا كانت الديانة هي الدافع باليهود للعودة والإستيطان. يقول هرتزل (اسم فلسطين في حد ذاته يجتذب شعبنا بقوة عجيبة الفعالية وهكذا تمخضت الديانة اليهودية فكانت القومية الصهيونية فلا حدود بين الاعتبارات الدينية والمقومات القومية في العرف اليهودي.. اليهود يملكون أمضى سلاحين هما الدين والإعلام بالدين ملكوا عواطف الأمم وبالفكر المراوغ استطاعوا تزوير الحقائق وبالصياح إقناع الناس بأباطيلهم. يقول هرتزل في مذكراته([206]) المؤرخة 12 أيار 1898 وكأنه يضع القاعدة الرئيسية للدعاية: (الصياح هو كل شيء - حقاً ان للصوت العالي شأناً كبيراً.. الصياح المتواصل تعاقد مأثور وليس تاريخ البشر سوى قعقعة السلاح وجعجعة الرأي الزاحف، عليكم أن تصحيوا وتصرخوا).