إلاّ في حدود رفض الظلم والطغيان والاستبداد والإنسان في اختياره مقيّد بالنظام العام الذي يمثل الحق والعدل وبمصالح الجماعة وتكاملها عندما تتعارض مع مصلحة الفرد ولكن مع ذلك نجد الإسلام قد منح الإنسان المسلم هذه الحرية السياسية في المواقف بصورة عملية حتى في الموارد التي يستخدم الإنسان حريته بغير حق ومارس الإسلام سياسة غض الطرف عن اتخاذ الإجراءات القهرية وجعل حدّها هو عدم الخروج على إجماع الجماعة أو النظام القائم واستخدام القوة ضده أو تهديده. وهذا الموقف الإسلامي في الحرية يعبّر عن حكمة إلهية في النظام الإسلامي تنسجم مع الحكمة الإلهية في سنن خلق الإنسان وتكامله التي تفترض انّ الإنسان لا يتكامل إلاّ من خلال حريته في اختياره لسلوكه وعمله وممارسته لهذه الحرية في التزام الحق والصواب وطريق العقل والهدى، أو طريق الشهوات والباطل والهوى. مع انّ الله سبحانه ـ كما يشير القرآن الكريم ـ قادر على أن يلزم الإنسان بالقهر بسلوك طريق الشريعة، كما ألزم الكثير من إمكانيات الكائنات بذلك. ثانياً: انّ الحرية السياسية في عصرنا الحاضر أصبحت قيمة من القيم الإنسانية وجزءا من الثقافة العامة للبشرية والتزمت بها العهود والمواثيق الدولية في النظام العالمي، وقد بدأت هذه الحرية من منطق صحيح وهو مقاومة الظلم والطغيان والاستبداد وهو قيمة إسلامية أصيلة ولكنها تحولت في الثقافة العامة السائدة للحضارة المادية إلى معنى أوسع من ذلك وهو الحرية بمعنى التعددية السياسية والليبرالية في الفكر والمعتقد والسلوك بحيث أصبحت قيمة إنسانية وليست مجرد سياسة وموقف يختبر به سلوك الإنسان ويتكامل من خلاله بل هي التي تزن