الحرية السياسية: وأما القضية الثالثة وهي قضية الحرية السياسية في العمل الاجتماعي ومشاركة الأُمة في إدارة شؤونها الحياتية وفي اختيار الحاكم وتشخيص العلاقة بين الحاكم والرعية والإمام والأمة وفي القرارات المصيرية ومساهمتها بصورة حقيقية في إقامة العدل والقسط بين الناس وفي التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية... انّ هذه القضية تعتبر الآن من أهم القضايا المعاصرة التي تواجهها الأُمة. لقد كانت هذه القضية ولازالت من القضايا التي أولاها الإسلام أهمية خاصة سواء على مستوى النظرية أو مستوى التطبيق، وهو بحث لا يسعه مثل هذا المقال، وقد تناولت جانبا منه في كتابي الحكم الإسلامي بين النظرية والتطبيق، وجانبا آخر منه في كتاب الوحدة الإسلامية من منظور الثقلين.([5]) ولكن أود ان أشير هنا إلى عدة نقاط أساسية عامة ذات علاقة بهذا الموضوع: أولا: إنّ الله تعالى خلق الإنسان حراً مختاراً ومسؤولاً أمام سلوكه وعمله والحرية الحقيقية للإنسان التي اعتبرها الإسلام قيمة وكالا في شخصيته هي حرية الإرادة الإنسانية التي عبّر عنها القرآن الكريم بالعبودية المطلقة لله تعالى دون غيره من الإله في مقابل عبودية الشهوات والهوى أو عبودية الطغاة والقوة أو العبودية والتسليم للضغوط الخارجية كالخوف من الطغاة والمستبدين. وأمّا الحرية السياسية بمعنى التعددية السياسية لمجرد الانسجام مع المصالح الشخصية فليست قيمة حقيقية في نظر الإسلام أو مصالح الفئة والجماعة الخاصة