العطف على اليهود أو خلق مجتمع يلعب دوراً حضارياً ويقيم مجتمعاً جديداً مبدعاً وخلاّقاً يكون (نوراً للأمم) أو الحديث عن إقامة (حصن الديمقراطية) و(المجتمع المثالي) في الشرق كله يتجزأ في الهواء أمام الحقائق التاريخية والمادية والدوافع الحقيقية لإنشاء الكيان الصهيوني وأداته العسكرية المتفوقة. يقول الكاتب الصهيوني الاسرائيلي (اليعزر لفنه):(إن المساعدات الأمريكية لا تأتي بضغط من يهود أمريكا أو بسبب وجود نظام ديموقراطي في اسرائيل وإنما بسبب المصلحة المشتركة للدولتين وكلما تراجعت اسرائيل كلما قلت قيمتها في نظر أمريكا واسرائيل المقلصة لا تستطيع أن تتطلع إلى المساعدة الأمريكية الضخمة ذاتها التي ستحتاج إليها إلى الأبد بل ستنقلب إلى مصدر إزعاج وستنبذ.. علينا أن لانطلب من الولايات المتحدة عونا وإنما شبكة دفاع اقليمية مشتركة نضع طاقاتها في خدمة المصالح الأمريكية وبذلك تصبح اسرائيل أهم بالنسبة لأمريكا من أوروبا). فالوجود الصهيوني ليس له أي مبرر سوى خدمة المصالح الأمريكية وهذه الخدمة تحتاج إلى جيش اسرائيلي قوي قادر على العمل على اتساع المنطقة التي لا حدود لها بحيث أنها تشمل كل مناطق النفط والمواد الأولية. والوجود الصهيوني على أرض فلسطين مرتبط بأسباب ومبررات عسكرية بالدرجة الأولى وما عدا ذلك مبررات ليست سوى أغطية تمويهية لإخفاء الحقيقة والغرض من إقامة ذلك الكيان، وأما الأهداف المعلنة للحركة الصهيونية من وراء إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين فليست مرتبطة بمعطيات الواقع الموضوعي والتي أهمها خصائص الأرض الفلسطينية المفتقرة للموارد الطبيعية الواجبة لتوفر شروط الحياة.