ابتداء القرن التاسع عشر بعام واحد. واللورد شافتسبري (1840) قام بتقديم مذكرة أثناء انعقاد مؤتمر لندن لبحث مستقبل فلسطين وسورية وذلك إلى وزير الخارجية اللورد بالمرستون وكتبت جريدة التايمز بأن الاقتراح الداعي إلى زرع الشعب اليهودي في أرض آبائهم لم يعد موضوعاً تأميلياً بل مسألة سياسية جدية. والكولونيل تشارلز هنري تشرشل - الضابط في هيئة أركان جيش الحلفاء والذي أجبر خديوي مصر محمد علي على الانسحاب من فلسطين - كتب رسالة إلى مونتفيوري عام 1841 على إعادة توطين اليهود في البلاد غير أن المجلس اليهودي الذي كان يترأسه مونتفيوري كلّفه بالرد على الكولونيل بأنه يرفض العمل لهذه الغاية.. وفي عام 1849 اصطحب الضابط البريطاني، الكولونيل جورج مونتينوري في زيارة إلى فلسطين وبعد أربع سنوات جدد اقتراحاته الداعية إلى إقامة مستوطنات يهودية بدعم من انكلترة. وأما الجنرال السير تشار لز دارت فقد اقترح تأسيس شركة صاحبة امتياز للحصول من السلطان على امتياز بإقامة استيطان يهودي ينتهي بحكم ذاتي وتبنى الفكرة أيضاً الكولونيل كونور وعمل لها دون كلل وكل هؤلاء ضباط عسكريون بريطانيون برتب عالية وهم الذين بادروا بطرح الفكرة على القادة اليهود الذين رفضوها بادئاً وقبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول بخمسين عاماً. فبريطانيا وفي القرن التاسع عشر كانت تبحث بصورة مستميتة عن حركة صهيونية وتعهدت بتقديم الدعم والحماية حتى وقبل توفر الظروف لخلعه تلك الحركة ولم تكن تطلب من اليهود المقيمين على أراضيها سوى تقديم القيادة كي تبدو الحركة وكأنها حركة يهودية نابعة من شوق اليهود الملتهب إلى صهيون.