وما يملكه من إمكانات مادية وتكنولوجية هائلة. ولا يمكن للأمة أن تعالج هذا العامل إلاّ بالتزام خطين رئيسيين من العمل: أحداهما: ممارسة دورها في الصراع الحضاري على أساس الحوار ومخاطبة العقل والوجدان كما أشرت إلى ذلك والعمل على خلق المجابهة الحضارية في داخل جبهة الاستكبار من خلال فرض الحرية الفكرية والسياسية والتركيز على نقاط ضعف الحضارة المادية وأخطارها المستقبلية والاستفادة من مشاعر اليأس والقنوط والإشباع للغرائز الإنسانية. كما انّ من المهم هو تجنّب خلق المجابهة العسكرية إلاّ في حالات الدفاع عن النفس، والتركيز في هذه المجابهة ان وجدت على محاور المصالح المادية ونقلها إلى مجتمعاتهم. ثانيهما: تعبئة الأُمة روحياً وسياسياً على أساس قيم الايمان بالله والاستعانة به والتوكل عليه كقوة غيبية بيدها القوة، والقدرة المطلقة، وروح التضحية والفداء، والجهاد في سبيل الله والصبر والعزم والارادة القوية المستقلة، والاحساس بالمسؤولية والتركيز على الهموم الكبيرة والرئيسية لهذه الأُمة ومبادىء الولاء والتناصر بين المسلمين. وهذا ما قام به القرآن الكريم والنبي العظيم صلى الله عليه وآله في الصدر الأول للإسلام حيث تمكن من خلال ذلك ان يقف في وجه قوى الاستكبار العالمي في ذلك العصر فيعالج تمزق الأُمة من ناحية فيحقق وحدتها ويصد عدوان الاستكبار ويحبط مخططاته من ناحية أخرى بعد ان استنفذ وسائل الحوار والطرح الفكري والعقائدي للدعوة الإسلامية ونقل الصراع إلى داخل القوى الاستكبارية نفسها.