من هنا، يبرز موقع فلسطين في الصراع التاريخي بين الإيمان والكفر، أو بين الشرك والتوحيد، والذي تجلى في إعلان انتقال النبوة من بني اسرائيل الذين فشلوا في حمل أمانة التكليف الإلهي «ألاّ تتخذوا من دوني وكيلا» إلى حملة الإسلام الرسالة الخاتمة للبشرية هذا الانتقال الذي تحدثت عنه سورة الاسراء (سورة بني اسرائيل) التي روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأها كل ليلة وترسخ بعد قيام دولة الإسلام وبروز الدور اليهودي في مواجهتها وصولاً إلى فتح بيت المقدس وبسط الإسلام لسيادته العالمية سيادة حضارة التوحيد في مواجهة حضارة الشرك العالمية. من هنا تبرز أهمية فلسطين في الوعي الإسلامي والضمير العقدي للامة حيث الربط الإلهي بين المسجد الاقصى والمسجد الحرام بين مكة والقدس أو بين الأرض المباركة (فلسطين) وبين الجزيرة العربية مهد الرسالة الإسلامية، كما يربط التخصيص النبوي للمسجد الأقصى باعتباره أحد المساجد الثلاثة التي تُشد إليها الرحال، فلسطين بالعبادة الإسلامية التي توجب على المسلمين تأمين وتيسير الوصول إلى المسجد الأقصى بما يفرض على الأُمة أن تكون فلسطين محررة تحت راية الإسلام. وعليه فان الصراع مع دولة بني اسرائيل في فلسطين هو من صميم الفلسفة التأسيسية للمشروع الحضاري الإسلامي الذي يجب أن تكون فلسطين فيه ليس مجرد ارض لشعب مسلم مشرد ومضطهد تجب نصرته بل هي مركز الصراع الكوني ونقطة صدام الأُمة الإسلامية التاريخي ضد حضارة نهج الشرك التي تستهدف التوحيد في صراع مفتوح إلى يوم القيامة كما أشار بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه لمعاذ بن جبل «من اختار منكم ساحلا من سواحل الشام فهو جهاد إلى يوم القيامة».