أيديولوجية أكثر منها جغرافية ومن الناحية الجغرافية والايديولوجية وفي السياق الذي ينسجم وفكرة هذه الورقة يمكن اختزال الغرب ومهما تعددت اضلاعه إلى شكل ذي ثلاثة ابعاد رئيسة فهو «هيليني ـ مسيحي ـ يهودي» أي مزيج بين الاغريقية والرومانية والمسيحية البروتستانتية التي أضافت إلى هذا المزيج بعداً توراتيا جعلت اليهودية احدى العناصر الأساسية في المركب الحضاري للغرب. وفي ذات السياق فانّ محاولة وضع تعريف دقيق للنظام الدولي لا تقل تعقيداً عن محاولة تعريف الغرب بل أنّ التداخل بينهما يزيد المسألة تعقيداً فالغرب هو الحامل للنظام الدولي والنظام الدولي هو محصلة تفاعلات الغرب ومكوناته وأدواته في العالم كله، والتوازنات التي تنشأ عن هذه التفاعلات في سياق مباراة دولية رهانها الأكيد في نظر القوى الاستكبارية هو محاولة السيطرة على العالم. فالنظام الدولي هو مجموعة المؤسسات الاقتصادية العملاقة من شركات متعددة الجنسية وبورصات عالمية وبنوك وشركات تأمين وصناعات واستثمارات ومضاربات، وهو المؤسسات الدولية غير الحكومية كالامم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهو انظمة الحكم من رئاسات وبرلمانات ووزارات وهيئات وهو المؤسسات والجمعيات الخيرية وهو ماكينة الإعلام والإتصالات العالمية الضخمة من صحافة ووكالات انباء ومسموعات ومرئيات وإنترنت وهو مؤسسات التعليم من جامعات ومعاهد وكليات ومدارس ودور حضانة ومراكز بحث ومعلومات وهو الفنون والآداب والسينما والمسرح وهوليود وهو نظام القيم والأخلاقيات ومعايير السلوك والآداب وهو نمط الحياة الحديثة وطرق العيش والإنتاج والتوزيع والإستهلاك وهو آلة الحرب الجهنمية وأسلحة الدمار الشامل النووية والكيميائية والبيولوجية والصواريخ البالستية والطائرات والاسلحة الذرية