بين الأديان الإلهية التي تصدر عن منبع واحد وهو الوحي الإلهي بالرغم مما تعرضت له هذه الأديان من تحريف وتزييف ولكنها في عموم رؤيتها الحضارية للكون والإنسان تعبر عن حضارة إلهية إذا صح هذا التعبير تشترك بينها في الإيمان بالله والوحي والدار الآخرة والقيم الأخلاقية والشريعة الإلهية والحق والباطل وغلبة الحق على الباطل في نهاية المطاف المطلق وإقامة حكومة العدل. ولهذا السبب اعترف الإسلام بها وأقرّها ولم يعمل على إلغاءها وإزاحتها من حياة الإنسان. وهذا الرؤية الإسلامية لطبيعة العلاقة الحاضرية مع الأديان الإلهية تفتح الباب واسعا في موضوع الحوار بين الأديان على أسس تختلف بصورة جذرية عن أسس الحوار بين الحضارات. كما ان هذه الرؤية الإسلامية للحوار بين الأديان تنير لنا الطريق بصورة أوضح في موضوع التقريب والحوار بين المذاهب الإسلامية التي تشترك في أركان الإسلام الخمسة والكثير من التفاصيل العقائدية والثقافية والسلوكية والشعائرية والفقهية الشرعية فضلا عن اشتراكها في الهوية والمصالح والأهداف العامة. الرابع: انّ هذا الصراع بين الحضارات لا يعني بأي حال من الأحوال صراعا حول نتائج التجارب الإنسانية العلمية لمجرد أنها نتاج لجماعة من الناس تتبنى حضارة أخرى فهذه النتائج هي ثمار العقل والجهود الإنسانية في أعمار الأرض وتسخيرها وهي جهود مشتركة ذات قيمة مستقلة عن المضمون الحضاري. ويمكن ان نقول الشيء نفسه ولكن على مستوى اقل بالنسبة إلى الآثار الإنسانية ذات العلاقة بالآداب والتقاليد والمشاعر والعواطف والأحاسيس الإنسانية والفطرية كالشعر والقصة نستثني منها ما كان ذا مضمون حضاري