علت بالدعوة إلى حثّ عوام المسلمين بالحذر ممّا يكيد بهم الأعداء الغاصبون من مخطّطات رامية إلى احتلال بلادهم ونهب خيراتهم بوساطة أعداء اللّه والشعوب: المستشرقين وأضرابهم. كتب الدكتور الدسوقي بصدد ذلك يقول: في مستهلّ هذه المرحلة نشب الصراع الفكري بين طائفة من المسلمين وبعض المستشرقين، وقد ظهرت كتابات منذ نحو قرن تحذّر ممّا يخطّطه الاحتلال بوساطة الاستشراق والتبشير، وإن جاءت في صورة ردود على هؤلاء المستشرقين الذين حاولوا النيل من الإسلام وثقافته وصلاحيته للتطبيق الدائم. ولكن هذا الصراع - وإن نبّه إلى الخطر - لم يحل دون بلوغ الغاية التي في ميادين التربيّة والثقافة، فقد تخرّجت أجيال في ظلّ نظام تربوي له فلسفته الماديّة التي لا تلتقي مع فلسفة التربيّة الإسلامية، ونجم عن هذا ظهور مايسمّى بالثنائية الفكريّة، وما تمخّض عنها من تمزّق ثقافي أتاح الفرصة لكلّ الاتجاهات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعية الوافدة والداخلية أن تجد لها أنصاراً يؤمنون بها ويدافعون عنها ممّا ضاعف من حدّة الصراع بين التيارات المتناقضة في المجتمع الإسلامي، وتبديد طاقاته فيما لا يعود عليه إلا بمزيد من الضعف والتخلّف والتبعيّة([193]). إذن لم يقتصر الفكر الاستشراقي على مخاطبة العقل الأوربي فقط، كما لم تقتصر كتابات المستشرقين ودراساتهم المتعدّدة على حماية المسيحي الأوربي من اعتناق الدين الإسلامي الحنيف وإن كان هذا هو الهدف الأول، وانّما تجاوزت إلى «محاولة