إذ انّه دأب في هذه المرحلة الطويلة على تقديم الإسلام في صورة منفّرة بشعة تثير الاشمئزاز منه والرغبة في القضاء عليه قضاءً مبرماً، وتصوير أهله على أنّهم ارهابيّين قتلة.. شهوانيّين.. شرهين.. راكبي جمال رعاع.. ليست لهم رغبة في التحضّر مطلقاً، وبالتالي فان وجودهم يعتبر إهانة حقيقيّة للحضارة والتحضّر الانسانيّين!! وقد عمّموا هذه النظرات عبر قنوات الصحافة والكتب على الرأي العام الغربي، وذلك خوفاً من أن ينتشر هذا الدين بين الأوربيين كما حصل للمسيحيّين القاطنين في البلاد الإسلامية. والمسلمون - بوجه عام - في تلك المرحلة لم تكن لهم دراية بالفكر الاستشراقي ولا بأغراضه الخبيثة، فضلاً عن أنّهم لم يكن لهم اهتمام كاف بما يجري حولهم من نشاط فكري وتحرك ثقافي شرس، وكلّ ماكان يعرفونه أنّ «هؤلاء» انّما جاءوا ليستنيروا بنور العلم والايمان، ويحملوا ما يستطيعوا أن يحملوه من التراث الإسلامي ويعودوا إلى أوطانهم. أي أنّهم كانوا في نظر جمهور المسلمين مجرّد طلاب علم، ومن ثم عوملوا أكرم معاملة. المرحلة الثانية: وتبدأ هذه المرحلة عندما غزت أوربا العالم الإسلامي وبدأت جحافلها تطأ بلاد الإسلام، وتعمل على بسط نفوذها عليها، وبدأ - حينئذ - الفكر الاستشراقي أنّه لم يعد موجّهاً للأوربيّن وحدهم، وانّما أصبح موجّهاً كذلك إلى المسلمين. فقد سعى هذا الفكر إلى رسم سياسة الاحتلال والهيمنة، وتوجيه قنواته البغيضة بين المسلمين في مجالات التعليم والثقافة والاجتماع فضلاً على الاقتصاد. وفي مستهلّ هذه المرحلة انقدح وعي المسلمين بما يجري حولهم، وبرزت اهتماماتهم اتجاه مايحدث في بلادهم، ومّما ساعد على ذلك أصوات طائفة منهم التي