تفكير نابليون المبتنية على أساس الغزو العسكري المغلّف بغلاف إسلامي، أو بأقلّ تقدير «صديق المسلمين»، فقد أشار صراحة إلى صوابية «فولني» في تأملاته حول الحملة الفرنسية على مصر وسوريا المدوّنة في كتابه «رحلة إلى مصر وسوريا» المنشور في مجلّدين عام 1798م، فأملاها فيما بعد على الجنرال «برتران» في جزيرة القديسة «هيلانة» فقال: إنّ فولني رأى أن ثمة ثلاثة حواجز في وجه السيطرة الفرنسية في الشرق، وأنّ على فرنسا أن تحارب لذلك ثلاثة حروب: الأولى ضدّ انكلترا، والثانية ضدّ الباب العالي العثماني، والثالثة وهي أكثرها صعوبة ضدّ المسلمين([191]). ولقد فهم نابليون «نصائح» فولني فهماً دقيقاً، وشرع في تنفيذه بمجرّد مالاح الظهور الأول للجيش الفرنسي في الأفق المصري. فقد بذل «نابليون» مافي وسعه من جهد لإقناع المسلمين المصريّين بـ «انّنا نحن المسلمون الحقيقيون!» و«انّنا جئنا لكي نحارب من أجل الإسلام» وقد ترجم كلّ ماقاله إلى عربيّة قرآنيّة فصيحة تماماً، كما أوصى قوّاد جيشه بأن يحثّوا جنودهم على تذكر الحساسيّة الإسلامية دائماً، عملاً لنصيحة «فولني» وارشاده([192]). وعلى العموم فإنّ الفكر الاستشراقي قدمرّ بمرحلتين في علاقته بالمسلمين: المرحلة الأولى: وهي التي كان فيها هذا الفكر موجّهاً إلى الإنسان الأوربي خاصّة، وقد بدأت هذه المرحلة منذ بداية الاستشراق والى عصر الهيمنة الاستعمارية.