يدير اعمالها المنوطة إليه، ويكون مقرّه حلب تحت عنوان: «ليخدم الجالية الانكليزية المقيمة هناك» وكان قد وقع الاختيار عليه نظراً لكفاءته العالية ومعرفته الفائقة للمبادئ الأساسية للعربية، وهو الجامعي المتخصّص بالدراسات الشرقية في جامعة «اكسفورد» فنزع عندها ثوبه الجامعي وارتدى اللباس الكهنوتي لكي يتمّ انجاز المهمّة على أكمل وجه! ومن بعد «حلب» كانت «مصر» التي كانت حلماً يشغل «لويس الرابع عشر» ملك فرنسا بعد أن لفت نظره الفيلسوف «ليبنتز» عام 1672م نحو غزو مصر بدلاً من هولندا، لأن مصر حسب قول الفيلسوف: «ماهي إلا هولندا الشرق!» وفي حال أصبحت فرنسا سيدة هذه البلاد ستسيطر على البحر الأبيض المتوسط، وستستولي على طريق الهند الشرقية، فتأمن بذلك الممرّ التجاري العالمي لشركاتها ومراكزها التجارية، وبعبارة أوضح: ستسيطر على تجارة العالم([186]). لقد ظلّ هذا المشروع قيد التداول في أوساط الدبلوماسيّين والمبشّرين والتجّار فترة طويلة إلى أن خرج إلى النورقبيل الثورة الفرنسيّة عام 1789م ليصبح في متناول الرأي العام الفرنسي، وكان للمستشرقين «سفاري» و«فولني» دور كبير في تبيان منافع هذا المشروع لمصالح فرنسا السياسيّة والتجاريّة. وقد كتب «فولني» بهذا الصدد كلاماً طويلاً، وهو يعتبر ثمرة بحثه ودراسته لموقع مصر الاستراتيجي وما تضمّ من ثروات طبيعيّة هائلة، لا بأس أن نقتطف منه شيئاً، يقول: