الشركات وأصحاب رؤوس الأموال الطائلة، ولما يحوي من منابع طبيعيّة قد منحها اللّه له أثارت شهيّة هؤلاء الأرباب وسال عليهم لعابهم. وهنا برزت الحاجة الشديدة لدراسات المستشرقين وبحوثهم لتبنى على أثرها المخطّطات والبرامج التسويقيّة الحديثة ليتسنّى من خلالها معرفة أقاليم الشرق وبلدانه، ومياهه، وطقسه، وجباله، وسهوله، وزروعه وثماره.. والأهمّ من ذلك معرفة أهله وعقائدهم ورجاله وعلمائه وتقاليده.. وما إلى ذلك من أمور لكي يعرف كيف يمكن الوصول إليه وبالتحديد إلى «المواقع» المطلوبة دون أيّة حواجز أو موانع من أحد. وهكذا لعب الاستشراق مرّة أخرى دوره باتقان كبير هنا، فحاول الاجابة على جميع التساؤلات، وقدّمها على طبق من ذهب أمام أرباب الشركات الصناعية الكبرى وأصحاب الوكالات التجارية الضخمة. أمثلة من التاريخ: فمن قبل كانت مدينة حلب هي طريق تجارة الشرق إلى الغرب وبالعكس، وكانت ملتقى الطريق بين آسيا والشام في الجزيرة والعراق، وأنّها ظلّت محتفظة بهذا المركز التجاري المهمّ إلى قبيل اكتشاف طريق الرجاء الصالح وقبل افتتاح قناة السويس. وقد دلّت بعض المصادر على أنّ الانكليز - كما تقدّم ذكره - كانوا من أوائل الاجانب الغربيّين الذين أسّسوا في حلب وكالة تجارية وقد عرفنا الدور الذي لعبه المستشرق «ادوارد بوكوك» في تأسيس الوكالة وضمان دوام عملها; طبقاً لعقد العمل الذي وقّعه مع الوكالة، وأنّ الأساس أنّ المهمّة التي أسندت إلى «بوكوك» كانت ترتبط بشركة «ليفانت» الانكليزية التي أرادت أن تعيّن كاهناً لها