بالإسلام والثاني: ما تمتعّوا به في الحكم الإسلامي من حريّة علميّة([183]). وبذلك يظهر أنّ العلوم ووسائله المتطوّرة قد خرجت عن حيادها العلمي وأصبحت أداة طيّعة بيد المؤسسات العسكرية، فتحالفت الأكاديميات العلميّة مع الجيش فباتت بمثابة مراكز التعبئة والإسناد «العلمي» لوزارات الدفاع والمخابرات والخارجية، وربّما كانت وظيفتها أهم من هذه الوزارات في تنفيذ مهامها الموكولة إليها والمتعلّقة في اجهاض الثورات وتفتيت حركات المقاومة في البلدان المستعمرة. وعلى حدّ تعبير الباحثة الاميركيّة «مالدين جرافيتس»: أنّه يمكن أن نلخّص السياسة الاميركية الخارجية في جملة وردت في إحدى المقابلات لـ «ج. دبيرمان» يقول فيها: لقد كان الحلّ السابق لمنع الثورة هو عشرة عساكر لكلّ محارب مغوار، أمّا اليوم فالحلّ هو عشرة انژوبولوجيّين لكلّ محارب ثائر([184]). لذا فانّ الجامعات والمدارس الأكاديميّة كانت مجال التجنيد التقليدي لأجهزة الاستخبارات في معظم الدول الأوربية، وكانت أيضاً توفّر أعلى درجة ممكنة من الغطاء العلمي والستار الأكاديمي للأنشطة المختلفة التي تمارسها تلك الأجهزة المشبوهة. كتب الدكتور أبو الوفا التفتازاني يقول: وكان من بين العوامل التي أدّت إلى عدم إنصاف الشيعة أيضاً أن الاستعمار الغربي أراد في عصرنا هذا أن يوسّع هوّة الخلاف بين السنّة والشيعة، وبذلك تصاب الأُمة الإسلامية بداء الفرقة والانقسام، فأوحى إلى بعض المستشرقين من رجاله بتوخّي هذا الفنّ باسم البحث الأكاديمي