ونبوءة سيد الخلق رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) هذه; تلقي على نفوس المسلمين المكتئبة ظلالاً من الطمأنينة والأمل ذلك أنها قد تحققت في يوم من الأيام، والتاريخ حريّ بأن يعيد نفسه، إذا عاد المسلمون إلى ماكان عليه أجدادهم الأولون; من صدق في الإيمان، ونبذ للخلاف، ورص للصفوف، وثقة في بعضهم البعض، وإيثار لبعضهم على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة، وما إلى ذلك من دلائل الإيمان الصحيح. ولقد شدد اللّه - جل شأنه - على وحدة الأُمة الإسلامية بقوله - في سورة الأنبياء (آية 92): (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). وقوله - أيضاً - في سورة المؤمنون (آية 52): (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون). إن هذا التشرذم والتشتت والاختلاف - الذي تعيشه أمتنا - سيكون أمامها في القرن القادم - واحداً من العراقيل الكثيرة، والتحديات الخطيرة; مالم يلتزم أبناؤها بقول رب العالمين: (واعتصموا بحبل اللّه جميعاً ولا تفرّقوا، واذكروا نعمة اللّه عليكم، إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخوانا، وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها، كذلك يبين اللّه لكم آياته لعلكم تهتدون)([112]). المبحث الثاني - التناحر والخلاف: ومما لاشك فيه أن هذا المبحث يختلف عن سابقه، فلم يقتصر الأمر على التفرق والاختلاف - كما هو الحال في المبحث السابق - ولكنه تطور إلى تنافر،