ثانياً ـ تقدّم الشعوب المسلمة ثقافة واقتصادا وثقة بالنفس واستقلالا بالحكم. ثالثاً ـ تهاون أو انقضاء السلطات العالمية ـ واستسلامها أمام بطولات الشعوب المستيقظة وفي طليعتهم المسلمون حيث خلصوا نجيّا من نير الاستعمار أو كادوا أن يخلصوا. رابعاً ـ فشل أو تواني روح الطائفية والمذهبية في الأوساط العلمية والجامعات الإسلامية ودور العلم، وبذلك ستذهل وتتقلّص وتذوب تلك الخلافات التي تلاشت بسببها قوتنا، وذهبت بها ريحنا ـ على حد تعبير القرآن ـ فقد عثر العلماء والمفكّرون على هويتهم بعد ان افتقدوها من خلال اشتغالهم بالخلافات التي لا طائل تحتها ولا نائل وارتفعت الأغلال التي كانت عليهم، وزالت عنهم تلك العراقيل التي حالت دون وحدتهم ـ قرونا وأجيالا فانّ العالم بأسره الآن متفتح أكثر من الماضي والمفكّرون يهتمون بالإفادة والإصلاح والعمل الجاد المثمر بدل الخوض في ما لا يغني، والمسلمون أحق وأولى من غيرهم بذلك. خامساً ـ ويقع هذا في القمة ـ ظهور حركات سياسية في العالم الإسلامي منذ بداية القرن العشرين تُنادي بإقامة الحكم الإسلامي في ارض الإسلام مستمدا من جوهر الإسلام كما كان في الصدر الأول. والمصلح الكبير «السيد جمال الدين الأسد آبادي» المعروف بالأفغاني هو أول من رفع هذا اللواء من غير نكير في هذا القرن ثم تبعه الآخرون في أفريقيا وآسيا، لاسيما في مصر وإيران والقارة الهندية واسيا الوسطى. وهذه الدعوة المباركة مستمرة لحد الآن ومن أقواها مادة وأوسعها نطاقا حركة الأخوان المسلمين. ولكن تلك الحركات كانت تقدم رجلا وتؤخر أخرى وكان لها قبض وبسط وإقبال وأدبار هنا وهناك حسب مستدعيات الأحوال، ولم تنجح في بقعة من البقاع إلاّ في إيران بزعامة الفقيه البارع والمصلح