لاشك أن الأُمة العربية والإسلامية تتأثر تأثراً مباشراً بهذا النظام، ولإن كان سقوط الشيوعية هو أحد الدوافع لإبراز ملامح هذا النظام فإن حرب الخليج الأولى والثانية كانتا الدافع الثاني لذلك، إذ أبرزت هذه الحرب حاجة «عملية» للعقلانية السياسية في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية. إلا أن حماسنا لملامح هذا النظام يجب ألا يذهب بنا بعيداً، حيث أن موقعنا في هذا النظام هو الأضعف، فعلى الرغم من أهمية منطقتنا اقتصادياً واستراتيجياً إلا أنها لا تشكل ثقلاً واضحاً في صياغة هذا النظام والتأثير فيه، بل تكاد تتأثر به تأثراً سلبياً، لا لأن هذا النظام وجه بصفة عامة لإضعاف شأن هذه الأُمة - كما يتصور البعض - بل لأن الضعف ناتج من ذاتنا ومن أنفسنا، مما لم يوفر لنا مكاناً مرموقاً بين الآخرين، وهذا لا يمنع من القول أن جزءاً من أهداف هذا النظام موجه لاستمرارية الأوضاع السيئة التي تحياها الأُمة الإسلامية، فحين نتحدث عن العقلانية السياسية في هذا النظام علينا أن ننظر إلى واقعنا السياسي، وحين نتحدث عن حقوق الإنسان وكرامته أو المشاركة، علينا أن نبحث في ملفات منظمات حقوق الإنسان التي لا نزعم أنها تلتزم الدقة والحياد فيما، تكتب، ولكن لانزعم كذلك أنها أتت بما كتبت من فراغ أو أن ما تكتبه من تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان لا علاقة له بنا. وحين يتحدث العالم عن المشاركة السياسية، يتصور أبناء الإسلام أنهم جزء مما يلف العالم اليوم من دعوات للمشاركة والديمقراطية، وينسى هؤلاء أن رؤية الآخرين (أعني بهم القائمين على توجيه النظام) لهذه المشاركة إنما هي رؤية أحادية تنطلق من فهمهم لهذه المشاركة من خلال النظام الديمقراطي الغربي الذي صيغ على أسس ومعايير خاصة بمجتمع ذي مواصفات معينة، ولذا فهم لا