وهذه هي الروح التي نلمسها في كلمات الامام علي(عليه السلام) وهو يحدثنا عن تجربته الذاتية فيما واجهه من عمليّة التنكر لحقّة في الخلافة وفيما انطلق فيه من خطوات عمليّة لم تحدد مسارها في الحالة النفسية المعقدة التي تعتبر السلبية موقفاً طبيعياً يمنعها من المشاركة في الحلول أو تتحرك في الاتجاه الايجابي في الجانب المضاد الذي يثير المشكلة في الواقع المرتبك الخطر. بل كان المسار في مواجهة المشكلة هو الايجابية من موقع الشعور بالهدف الكبير الذي يحدد القضية من موقع المسؤولية الإسلامية الكبرى. انظروا إليه(عليه السلام) حين يقول في خطبته في نهج البلاغة وهو يتحدث عن الفترة الأولى بعد وفاة النبي محمد(صلى الله عليه وآله): «فما راعني إلا امتيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتى إذا رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يريدون محق دين محمد(صلى الله عليه وآله)فحثيت، إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً، أو هدماً، تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم هذه، التي هي انما متاع ايام قلائل يزول منها مازال كما يزول السراب فنهضت حتى زاح الباطل وزهق، وأطمأن الدين وتنهنه». وبذلك رأيناه يشارك في حل المشاكل الكبرى التي تعترض الحياة الإسلامية آنذاك بفكره وخطواته العملية دون أن يعني ذلك تنازلا عن الموقف. الأمر الذي نخرج منه بفكرة محدّدة نتخذها كقاعدة فيما نواجهه من مشاكل آنية كتلك المشاكل، وهذه الفكرة هو أن الايجابية في مواقف الاختلاف في الرأي لا تعني الانتقال إلى الجانب الآخر، بل تعني الوقوف في الأرض المشتركة لخدمة القضية المشتركة من دون تشنج وانفعال، مع الحفاظ على طبيعة الموقف الحق. وذلك هو الاسلوب الأمثل الذي يُبقي القضية الواقعية في موقعها الطبيعي من