تنفصل عن الشخص، ولا يريد الشخص ان يجرّب الانفصال عن تلك الصفة مهما اختلفت الظروف والأفكار. فصُنّفَ المسلمون إلى صنوف متعددة لا يفكر الواحد منهم أن يلتقي فكرياً بالطرف الآخر، ولا شعورياً بمشاعر الطرف الآخر. وبهذا أصبح للمجموعات التي تمثل هذا الفريق أو ذاك الفريق مصالح مستقلة تختلف عن مصالح الطرف الآخر. ولم يعد في حساب هذا الفريق أو ذاك الفريق شيء اسمه المصالح الإسلامية العامّة. ولكن كان هناك شيء واحد اسمه مصلحة هذا الفريق ولو على حساب مصلحة الفريق الآخر. ومصلحة ذاك الفريق ولو على حساب الفريق الآخر. وبذلك توزعت القوى وتشتت فشخص يبني وشخص يهدم وشخص يهاجم وآخر يدافع وبدأت بذور الفرقة في جسم الأُمة الإسلامية تبدوا واضحة للعيان، تماماً كما هي الدول المستقلة وربّما ينتج الموقف لكل منهما تحالفات مع اعداء الإسلام للاستعانة بهم على الجانب الآخر في مجالات الصراع. والذي يدرس تاريخ المسلمين ويتعرف على احوال المجتمعات الإسلامية بعد القرون الثلاثة الأولى يجدهم تحللوا من مُثل عالية كثيرة لهم في دينهم فتصرفوا بعد الوحدة وضعفوا بعد القوة وتقسمت دولتهم الكبرى إلى دويلات وامارات يحارب بعضهم بعضاً ويستعين بعضها على بعض بأعداء الإسلام والمسلمين. وقد كان هذا الانقسام المضعف المهلك هو الذي أطمع فيهم المغيرين من التتار والوثنيين والروم والمسيحيين والقبوط والنصارى فهجموا على ديارهم وخربوا ما اشاده المسلمين وعوقوا تقدمهم. وجاء العصر الحديث في اجواء إسلامية لا تبتعد عن هذا الاتجاه من خلال بروز العنصر التركي الذي كان يحاول ان يفرض نفسه على الواقع الإسلامي