التاريخ الإسلامي. في مسار بعيد عن الروح الإسلامية الواعية المنفتحة، وقد نجد في تاريخ الخلافة العباسية نماذج كثيرة من ملامح هذا الصراع الذي استطاع أن يهزّ قواعد الخلافة والخلفاء حتى انتهى بهاوبهم إلى الزوال. وسارت الحياة الإسلامية شوطاً بعيداً في هذا المجال وساعدت على خلق الحواجز وتعميق الفواصل التي تفصل بين المسلمين بالمستوى الذي تبتعد بهم عن الشعور بالوحدة الفكرية والعملية في المجالات العامة وتطور الأمر إلى أبعد من ذلك فكانت فتاوى التكفير التي يكفّر بها بعضهم البعض والتفسيق التي يفسق بها بعضهم البعض بمختلف التحليلات والتأويلات القريبة والبعيدة التي تحوّل الإنسان المسلم إلى كافر نتيجة فكرة فرعيّة أو فقهيّة أو فكرة اصوليّة أو اصليّة لا تمس الجذور في العمق، ومن الطبيعي أن تكون المشاعر الدينية في هذا الجو متوترة في الاتجاه المضاد للعلاقات الطبيعية التي يجب ان تشمل المسلمين في واقعهم الاجتماعي والسياسي والنفسي. ومازالت هذه الاجواء التاريخية تفرض نفسها على الساحة في الكثير من التراث الضخم من الكتب الإسلامية في قضايا الكلام والفلسفة والشريعة والتاريخ. مما جعل للقضية عمقاً ثقافيا وفكريا يتوارث المسلمون افكاره، كما يتوارثون مشاعره وأحاسيسه في اجواء متنوعة قد تفرض عليهم اللقاء والتعاون ولكنّه يبقى في حدود المجاملة والتقيّة والمداراة التي لا تنفتح النفوس فيها على الحقيقة بتجرد وموضوعية وحياز. بل يظلّ للحقيقة المزعومة في نفوس اصحابها المعنى الجامد الذي لا يمكن أن يتحوّل إلى شيء يثير الحركة، باتجاه اللقاء والتفاهم لأن القضية المفروضة من خلال ذلك كلّه هي ان الصفة الطارئة التي توصف بها هذه الجماعة من المسلمين، والصفة التي توصف بها تلك الجماعة من المسلمين إن هذه الصفة تحوّلت إلى ما يُشبه الصفات الذاتية التي لا